مفرح الشمري
تشهد الدراما الاجتماعية المعاصرة في شهر رمضان حضورا لافتا في القنوات الخليجية والعربية، منطلقة من الواقع حتى وان كانت تناقش قضايا مكررة تم تناولها على الشاشات، ومن هذه الاعمال مسلسل «عزيز الروح» الذي أعاد لنا «ابناء المنصور» من خلاله نجاحاتهم السابقة في الاعمال الاجتماعية التي قدموها في التسعينيات وحصدت نجاحات مذهلة مثل «القرار الاخير» و«دارت الايام» وغيرها من الاعمال التي لاتزال راسخة في الاذهان.
استعان «ابناء المنصور» بالمؤلف الشاب عبدالله حافظ لكتابة نص «عزيز الروح» في تجربته الاولى بالكتابة، وهذا امر يحسب لـ«أبناء المنصور» في اكتشافاتهم للمؤلفين الشباب، وذلك تماشيا مع التطور الذي نعيشه حاليا في افكار الاعمال الدرامية وعملية تنفيذها على ارض الواقع.
يتناول النص فكرة سبق ان قدمها «ابناء المنصور» في السابق وهي قضية الشراكة بين الاشقاء واستيلاء احدهم على فلوس الآخر وسرقته، وهذا مع شاهدناه في الحلقة الاولى وذلك بعد عودة «سعود» حسين المنصور من الخارج، للاستقرار والارتباط بعد أن يأخذ بنصيحة شقيقه «صالح» محمد المنصور بالزواج من «حصة» عبير أحمد، ولكن الشك يدخل إلى قلب سعود وتساوره الشكوك باستيلاء صالح على أمواله وسرقته، فيفضّ شراكته معه، ويترك المنزل، وتصير قطيعة بين الشقيقين لتكبر بينهما المشاكل وتمر السنوات وتتوفى زوجته حصة التي توصي اختها «نورية» هدى الخطيب لترعى بناتها «نور» لمياء طارق و«فرح» كفاح الرجيب حتى يكبرا، وعلى هذا المنوال يسير المسلسل حتى يعلم «ابراهيم» حمد العماني بثراء والده «صالح» الفاحش، وعندما واجهه كشف صالح سرا خطيرا بأنه ليس ابنه وانه تولى تربيته وهو صغير بعد ان دخل والده الحقيقي الى السجن ليعيش ابراهيم في حيرة من أمره، ويقرر الابتعاد عنه والاعتماد على نفسه، ومع مرور الحلقات يقرر «جاسم» الزواج من بنت عمه سعود «نور» فيرفض والده صالح، ولكن صديقه «سيف» شهاب حاجية يقنعه ويذهب الى سعود ليبلغه بذلك ولكن الاخير يرفض ويقرر منع بناته من زيارة نورية، ومع توالي السنوات يتعرض سعود لعملية نصب كبيرة من «محمود» احمد النجار الذي حول اموال سعود لحسابه خارج البلاد بعد ان تزوج فرح ليعلم صالح ما حدث لشقيقه سعود فيدفع عنه التزاماته المالية للبنوك حتى لا يسجن ليعود صالح لشقيقه سعود ويعتذر من عنده وتعود المياه لمجاريها بينهما ليتعاونا في انقاذ فرح من زوجها محمود الذي استولى على فلوس سعود.
يحسب لـ «ابناء المنصور» استمراريتهم في عملية الانتاج الدرامي، ولكن كان من الافضل اختيار نص يناقش قضية جديدة ولم يسبق أن قدموها في ظل التنافس الموجود بين شركات الانتاج التي تحاول في كل موسم رمضاني البحث عن افكار جديدة لجذب المشاهد.
يعرض مسلسل «عزيز الروح» على عدة قنوات فضائية، وعلى الرغم من الهنات الموجودة فيه والتكرار الا انه سجل حضورا جماهيريا واسعا في الخليج، وذلك لاشتياق هذه الجماهير لاعمال ابناء المنصور المعاصرة بعد نجاحهم العام الماضي من خلال عملهم التراثي «نوح العين».
اخراجيا، تعاون «ابناء المنصور» للمرة الثانية مع المخرج البحريني مصطفى رشيد الذي يعود مرة اخرى للاعمال المعاصرة بعد نجاحه في الاعمال التراثية التي تميز بها في الفترة الاخيرة، وقد أجاد رشيد في توصيل مشاهد الغضب التي تنتاب سعود من تصرفات شقيقه صالح ومشاهد نورية التي تحاول دوما لمّ شمل الاسرة بعد الشتات الذي وقع فيها، ولكنه تسبب نوعا ما في تسريب الملل لعدم التنوع بالمشاهد «شركة/ بيت سعود/ بيت صالح» ولعدم تنوع الحوارات وتلوينها من بعض الممثلين وخصوصا الشباب!
تمثيليا لا يختلف اثنان على نجومية محمد المنصور وشقيقه حسين بأدائهم اللافت، كما تبرز في المسلسل هدى الخطيب من خلال أداء متمكن، بالاضافة الى اداء حمد العماني ولمياء طارق واحمد النجار وشهاب حاجية وعدد من الشباب، مثل: هاني الهزاع الذي جسد شخصية «باسل» الذي يقرر الاشتراك في جماعة ارهابية ولكن والدته فخرية خميس تكشف الأمر، كما يتميز الفنان الشاب احمد يوسف الذي جسد دور جاسم، وعبدالعزيز بهبهاني الذي جسد دور محمد، كما لابد الاشارة للمقدمة الغنائية التي كتبها مزيد المطيري وتغنى بها فهد السالم ولحنها عبدالعزيز الديكان، فهي من المقدمات الغنائية المميزة للأعمال الرمضانية لهذا العام، لأنها كانت تتحدث عن صلب موضوع المسلسل.