(ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا) (الكهف: 23 و24).
اعلم عزيزي القارئ، أن هذا إرشاد من الله تعالى لعباده إلى الأدب فيما إذا عزم على شيء ليفعله في المستقبل أن يرد ذلك إلى مشيئة الله، علام الغيوب الذي يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف كان يكون.
فلك اختيار ولك إرادة ولك مشيئة، لكن هذه الإرادة وهذه المشيئة لا تقع إلا بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى، فهو جل وعلا المصرّف لعباده، والمدبِّر لشؤونهم، فلا يستطيعون أن يشاءوا شيئا أو يريدوا شيئا إلا بعد مشيئة الله وإرادته، فإذا علمت أخي الحبيب أن كل شيء يجري بتقديره ومشيئته، ومشيئته تنفذ، ولا مشيئة للعباد إلا ما شاء لهم، فما شاء لهم كان، وما لم يشأ لم يكن، فهذا الكون خلق الله تعالى، ولا يقع شيء إلا بمشيئة الله تعالى، إذن فإن من باب الأدب مع الله تعالى، ألا تجزم لأنك لا تملك في هذا الكون إلا ما أراده الله تعالى، ووجب عليك من باب الأدب مع الله تعالى أن تذكر «إن شاء الله»، وإذا نسيت «إن شاء الله»، فالله جل وعلا أرشدك بالتوبة من ذلك أن تقول: (عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا) وتسأله أن يهديك لما هو خير لك من ذكر ما نسيته.