«إن السلام يمكن تحقيقه فقط من خلال التفاهم والمشاركة الفعالة، وإن مملكة البحرين تدرك أهمية تهيئة بيئة معززة للسلام من خلال تمكين الأفراد والمجتمعات من الشعور بالرضا حيال أنفسهم، وإنه من خلال التفاهم نستطيع تحطيم المفاهيم والافتراضات الخاطئة....».
هذه الكلمات القوية، أطلقها سمو الشيخ ناصر بن حمد بن عيسى آل خليفة، حفظه الله، في كلمته التي ألقاها في لوس أنجيليس بولاية كاليفورنيا الأميركية، حينما كان نائبا ومبعوثا من صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حفظه الله، وذلك على هامش مؤتمر «إعلان مملكة البحرين» في سبتمبر 2017، والذي يعد بمنزلة الوثيقة التأسيسية لـ«مركز الملك حمد العالمي للحوار بين الأديان والتعايش السلمي».
تلك الكلمات التي أطلقها سموه لخصت توجه المملكة نحو عالم يعمه الأمن والسلام، وهذا ليس بغريب على المملكة العريقة التي تضم على أرضها الطيبة مختلف الأديان من المسلمين والمسيحيين واليهود والهندوس والسيخ والبوذيين والعديد من دور العبادة لهم جميعا، وهذا شأن المجتمعات التي تضرب جذور حضارتها في أعماق التاريخ.
وقد أعقب هذا الإعلان التاريخي مبادرات هي ثمرة جهود الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وسمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثلا عن جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب وبصفته رئيسا لمجلس أمناء المؤسسة الملكية للأعمال الخيرية، حيث نذكر من هذه المبادرات على سبيل المثال وليس الحصر تدشين «كرسي جلالة الملك للحوار بين الأديان والتعايش السلمي» في جامعة لا سابينزا الإيطالية العريقة، وذلك في نوفمبر 2018 في روما، وبرنامج «الإيمان بالقيادة» في المملكة المتحدة بالتعاون مع جامعتي كامبريدج وأكسفورد ومعهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث لرصد ومكافحة معاداة السامية، وكذلك تدشين «وسام الملك حمد للتعايش السلمي» وهو الوسام الرفيع الذي يمنح بشكل استثنائي لتكريم المنظمات والشخصيات العالمية الداعمة للسلام والقيم الإنسانية.
وفي نوفمبر ٢٠٢٣ نظمت المملكة العريقة «ملتقى البحرين للحوار»، حيث اجتمع فيه نخبة مميزة من المفكرين ورموز وممثلي الأديان حول العالم والذي كان تفعيلا لمنهج صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في حتمية التعايش والتقارب بين جميع الأديان والطوائف.
واستكمالا للجهود العظيمة التي يبذلها «مركز الملك حمد العالمي للحوار بين الأديان والتعايش السلمي» فقد تم إطلاق «إعلان مملكة البحرين» في القاهرة في ٢٧ أبريل ٢٠٢٣ لتكون جمهورية مصر العربية أول دولة عربية وأفريقية يتم إطلاق هذه الوثيقة التأسيسية منها وذلك نظرا للروابط القوية التي تتميز بها العلاقات بين مملكة البحرين وشقيقتها جمهورية مصر العربية ولما تمثله مصر من ثقل تاريخي وحضاري ونموذج للتعايش السلمي على أرضها منذ مئات السنين.
هذه الجهود العظيمة هي ترجمة حقيقية وواقعية لتاريخ مملكة البحرين المجيد، وكما تقول الحكمة الشهيرة «الشيء من معدنه لا يستغرب»، فإن ما تقوم به مملكة البحرين الشقيقة في التقريب بين الشعوب وإرساء قواعد السلام العالمي جعلها محط أنظار الجميع وإحدى أهم مراكز صنع السلام في العالم في توقيت عصيب تتفنن فيه بعض الدول للأسف في صناعة الحروب وإثارة الفتن وتأجيج مشاعر الكراهية نحو الآخر.
ما تقوم به مملكة السلام «البحرين الشقيقة» هو عودة للأصول الأولى للرسالات السماوية وأهدافها السامية بعمارة الأرض ولن يتحقق ذلك إلا بالتسامح والتعايش ورقي المنهج ونشر الوعي السليم وخاصة بين الشباب.
وفى الختام لا أجد كلمات تعبر عن حقيقة مشاعر الشكر والتقدير والاحترام لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى
آل خليفة، وممثله للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب سمو الشيخ ناصر بن حمد بن عيسى آل خليفة، حفظهما الله ورعاهما وسدد على طريق الحق والصواب خطاهما، ولكل القائمين على إدارة «مركز الملك حمد العالمي للحوار بين الأديان والتعايش السلمي»، وللشعب البحريني الشقيق.
ونسأل الله جل وعلا أن يملأ الأرض علينا بالخير والأمن والسلام والمسرات، وأن يجنبنا الشرور والفتن، وأن يوفق كل دعاة المحبة والسلام في نهجهم وأن يذلل عقباتهم وأن يرزقهم النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة.. اللهم آمين.