لحسن الحظ، يوجد في تركيا العديد من مراكز استطلاع الرأي ذات الخلفيات المتنوعة، التي تناقش مواضيع مختلفة بسقف عال وبطريق تحفه المحاذير مثل استطلاعات التنبؤ بالنتائج المحتملة لانتخابات الرئاسة التركية في عام 2023، التي تشير إلى اقتراب نتائجها لتقدم تجربة انتخابات حقيقية لا نحسم نتيجتها وليست محسوبة للحاكم الملهم صاحب النسبة العالية ذات الـ 99%!
سأتجاوز في هذا المقال المواضيع المؤثرة على سلوك الناخبين والتي تمت معالجتها في استطلاعات الرأي، مثل الاقتصاد والسياسة الخارجية والمؤسسات الديموقراطية والقلق من ارتفاع معدل التضخم في البلاد، ومعدلات البطالة المرتفعة، وانخفاض العملة، والانخراط في الصراعات الإقليمية والخلافات الديبلوماسية مع الحلفاء التقليديين.
كما سنتجاوز أيضا فوائد استطلاعات الرأي وأهميتها ومستوى دقتها، على الرغم من بعض الأخطاء التي وقعت فيها، وسنتجاوز التحديات المعروفة التي تواجه استطلاعات الرأي في انتخابات تركيا تحديدا، مثل تغير المواقف والاتجاهات الانتخابية، وتحديات استطلاع آراء الأتراك خارج حدود تركيا، وتأثير الزلزال في بعض المناطق وتغطية العينات لأكبر عدد ممكن من المحافظات، وتحدي طول فترة منع المجلس الأعلى للانتخابات إجراء أو نشر استطلاعات رأي خاصة بالانتخابات قبل عشرة أيام من يوم الاقتراع مهما كانت وسيلة جمع البيانات!
وبما أن هذه الانتخابات تعد أكبر اختبار للرئيس أردوغان وحزبه الحاكم، حزب العدالة والتنمية، في ظل تصاعد المعارضة الشرسة في السنوات الأخيرة توجتها بتحالف معارضة برأس غير علماني «أوغلو» نافس أردوغان بالخطاب الديني في كلمته «انا علوي» ليحصد أكثر من مائة مليون مشاهدة خلال أيام! فإن هذه الحالة الساخنة انعكست على مراكز استطلاعات الرأي ونتائجها، وظهرت ردود الفعل تجاهها من خلال النشر والنقد والتشكيك، بما في ذلك من الرئيس أردوغان نفسه على عكس ممثل حزب العدالة والتنمية في إسطنبول، عثمان نوري، الذي وإن تحدث عن ارتباط شركات استطلاعات الرأي بالمعارضة، لكنه رأى أن حزب العدالة لا يزال يحتل موقعا متقدما ومؤكدا فوزه.
وببساطة من وجهة نظري، فإن هذه الانتخابات «معركة كسر عظم» بين الثلث الذي يمثله حزب أردوغان بنسبة مئوية والربع الذي يمثله أحزاب المعارضة. ومن سيحسم هذه المعركة ويفوز بالانتخابات هو الربع من الناخبين غير المقررين «المترددين» الذين يتمتعون بنسبة مئوية مرتفعة ولهم تأثير كبير مع عشرة أيام للعب دور حاسم، ليس فقط في نتائج استطلاعات الرأي، ولكن أيضا في تحديد من سيحكم الأتراك.
[email protected]