يمتلك الكاتب والمخرج غالماري هيلاندر فكرة واضحة للرجوع إلى قصص الحرب العالمية الثانية في فيلمه الجديد «Sisu»، وهي تعذيب النازيين بشكل دموي باستخدام أساليب موجودة في الأفلام الدموية الشهيرة، حيث يسلط هيلاندر الضوء على مشاهدة بطل يشبه «جون ماكلين» أو «رامبو» وهو يتحدى قبضة الموت من خلال ضرب وتفجير وتشويه مجموعة متجولة من الجنود الألمان الذين يرتكبون الإبادة الجماعية، مبتعدا عن الدقة التاريخية ويقدم بطلا يقتل الجميع بطريقة إبداعية، ويتم التشديد على العدالة الصالحة التي مازالت تترك صدى في عصرنا الحالي، حيث نسمع صوت الرسالة الغاضبة التي يريد الفيلم إيصالها بصوت واضح كهدير مدفع.
تتبع القصة شخصية الكوماندوز السابق أتامي كوربي (غورما توميلا)، الذي أصبح شخصا منعزلا وباحثا عن الذهب، ويصادف نازيين أثناء تنقله وهو يحمل ذهبا اكتشفه، وهنا يدخل المشهد الضابط الألماني برونو هيلدروف (أسكل هيني)، وقافلته الوحشية المتجهة نحو النرويج، والمعركة العنيفة للغاية للحصول على ذهب «كوربي» التي تتبع ذلك.
ينضم توميلا إلى ليام نيسون وبوب أودنكيرك وغيرهما كممثلين أصبحوا نجوم آكشن في سن متأخرة والذين مازالوا رائعين بالقيام بذلك، في حين يلعب «هيني» دور شرير نازي يصل الى مستويات «هتلر» نفسه، ويرتقي نجم الفيلم توميلا إلى مستوى التحدي ويجسد «كوربي» على أنه الأسطورة الحية الذي يمكنه شق طريقه عبر قتل وطعن وتقطيع رؤوس الألمان، مما يخلق نفس نكهة إثارة مشاهدة «John Wick» وهو يقتل الأشرار.
تضفي براري لابلاند في فنلندا خلفية مقفرة من الطرق الترابية والمدن المهدمة التي دمرتها القوات النازية، ويأتي اللون الوحيد اللافت في الفيلم (ما عدا ألوان التراب والطين) من كنز كوربي الذهبي اللامع بوضوح في رؤية المخرج، حيث تطلق آلات الحرب المعدنية القذائف المدفعية بينما تتطاير الأشلاء في الهواء مما يقدم الكثير من الإثارة.
لا يحتوي «Sisu» على أي تعقيدات أو أشياء أطول من اللازم، بل يمتد على 90 دقيقة من الأشياء الرائعة مع لمسة من الغرب الأميركي والإثارة الشريرة، وبالرغم من كل ذلك فهو ليس فيلما مفرطا أو مبالغا به مثل فيلم «Inglorious Bustards» للمخرج كوينتن تارانتينو، لكنه يستمتع كثيرا بالانتقام الشرير الذي اشتهرت به أفلام الأربعينيات بكل الطرق الصحيحة.
يقدم توميلا أداء رائعا من الممتع مشاهدته بدور «كوربي»، المحارب المنتقم العنيد الذي يرفض الموت، تتراوح الأساليب التي يقوم فيها بقتل قوات «هيلدورف»، بداية من القتل الدموي بالسكاكين ووصولا إلى إلقاء الألغام الأرضية التي تنفجر عند اللمس، حيث تندفع الدماء من الجروح بطريقة تكاد تكون كرتونية لكنها مرضية دائما، حيث تتناثر الألوان القرمزية في جميع الاتجاهات، سواء من الرصاصات التي تفجر الأدمغة أو الأطراف المقطوعة على الأرض، وتم إضفاء لمسة حسية على كل شيء، خاصة في مواجهة تعابير «كوربي» الجامدة والعابسة وهو يقتل الجنود على التوالي من دون إظهار أي مشاعر.
إن «Sisu» هو أحد أفلام الآكشن التي تتطلب من المشاهدين الانفتاح على مقدار كبير من الأشياء التي لا يمكن تصديقها، وتساعد الدماء المتناثرة التي تغمر الكاميرا باللون الأحمر على موازنة الأحداث المبالغ فيها والتي يضعها المخرج ليثير صراخ المشاهدين، هذا يعني أيضا أن «كوربي» ينجو من حالات موت محقق بكل ما يخطر على البال من الأسباب، بداية من التعرض للشنق وصولا إلى جروح من قنبلة شظايا، أو كيف يمكنه تحدي الجاذبية في مواقف صعبة؟ حتى «إيثان هانت» للممثل توم كروز قد يعتبرها مهمة مستحيلة، فالفيلم يقدم أحيانا شخصية «كوربي» على أنه أسطورة أكثر من كونه بشرا، لكن هيلاندر يميل بشدة إلى تسليط الضوء على ضرب النازيين بحيث يصعب عدم تشجيع قوة «كوربي» الخارقة.
يكمن مجد «Sisu» في أنه قصة واضحة عن الخير ضد الشر في عمليات القتل الدموية التي يقوم بها، ولا يوجد ما ينتقص من القصة أو المشاهد البصرية المرضية، كما يقدم الممثل جاك دولان شعورا فوريا بالنفور تجاهه بدور النازي «وولف»، والذي نراه لأول مرة وهو يغادر شاحنة مليئة بالنساء الرهائن أثناء إصلاح سرواله، مما يمنح شخصية «آينو» التي تمثلها ميموزا ويلامو، قصة مرضية بدور إحدى اللواتي تم احتجازهن ضد إرادتهن.