ارتفاع جديد وغير مسبوق سجله زيت الزيتون مع وصول سعر العبوة «التنكة» سعة 16 كيلو إلى 600 ألف ليرة، لينضم زيت الزيتون إلى المواد الغذائية الخارجة من قائمة اساسيات الأسرة السورية، مدفوعا بتدني دخل غالبية السوريين.
أما السوريون الراغبون في الحصول على زيت الزيتون فيلجأون الى سحب قرض مصرفي او الاشتراك بـ«جمعية»، كما يقول أحد السوريين من ريف الدريكيش في تصريحات لموقع «أثر». ويضيف «منذ العام الماضي وبعد أن وصل سعر التنكة 300-350 ألف ليرة لم نشترها لعدم توافر ثمنها، لذلك استعضنا عنها بشراء ليتر وراء ليتر، فالدفع بالمفرق أرحم للجيب من الدفع بالجملة الذي ليس متوفرا أصلا».
وتترحم سيدة أخرى من بانياس، على «أيام شراء الزيت بالبيدون»، وتضيف بحسرة: «كانت أيام فيها خير كتير ورخص، وكان الفقير يستطيع شراء تنكة أو بيدون زيت مونة لسنة، لكن الحال تغير، وأصبحنا نشتري بالليتر وبـ 2000 و5000 ليرة»، وتابعت: «الله يكتر خير بعض أصحاب المحال الذين يبيعون الزبون بالمفرق بما يتوفر معه من مصاري».
ويعزو كثيرون السبب وراء الارتفاع الكبير في سعر زيت الزيتون، إلى السماح بتصديره ما دفع الأسعار للتحليق إلى الحد الذي جعل الأهالي غير قادرين على شرائه، أو قيام ثلاثة عائلات أو أربع بالاشتراك في شراء تنكة زيت وتقاسمها فيما بينها، ويتساءل أحد السوريين: هل يقبل العقل والمنطق أن يصبح ثمن تنكة الزيت 600 ألف ليرة فيما راتب الموظف 100 ألف ليرة، مطالبا الحكومة بوقف عملية التصدير لسد حاجة السوق المحلية.
في المقلب الآخر، يؤكد أحد مزارعي الزيتون لـ«أثر»، أن المزارع المنتج لزيت الزيتون ليس المستفيد من ارتفاع سعر الزيت كما يعتقد عامة الناس، وإنما التجار الذين اشتروا الزيت من المزارع أثناء الموسم، ويقومون اليوم بتصديره للخارج وبيعه بأسعار مرتفعة.
الرأي نفسه شاطره مزارعون آخرون، مشيرين إلى أن المزارع الذي لا يزال لديه زيت زيتون في منزله، من حقه أن يبيعه أسوة بالأسعار الرائجة في السوق، مشيرين إلى ارتفاع تكاليف إنتاج الزيت من أجور عمال، حراثة، سماد، تقليم، أوعية لتعبئة الزيت، مبيدات، فأجرة العامل تراوحت خلال موسم الجني من 45-50 ألف ليرة، وكيس السماد الذي بلغ سعره 300 ألف ليرة، ولتر مبيد الأعشاب الذي يباع بـ 75 ألف ليرة، ناهيك عن أن موسم زيت الزيتون يعد مصدر الرزق الوحيد لآلاف العائلات.
بدوره، أكد رئيس اتحاد فلاحي طرطوس فؤاد علوش لنفس الموقع ارتفاع سعر تنكة زيت الزيتون إلى 600 ألف ليرة، عازيا السبب وراء ذلك إلى فتح باب التصدير لأن الاستهلاك المحلي لا يتسبب في رفع الأسعار إلى هذا الحد.
وحسب علوش، المستفيد الأكبر من رفع الأسعار هو التجار الذين اشتروا زيت الزيتون من المزارعين خلال الموسم باستثناء نسبة قليلة لا تتجاوز 10% من المزارعين الذين لم يبيعوا ويحتفظون بإنتاجهم من زيت الزيتون.
وللحيلولة دون تحكم التجار في أسعار زيت الزيتون برأي علوش، يجب وضع آلية للتصدير تضمن ألا تكون الأسعار مرتفعة جدا ولا متدنية، فلا المستهلك يرضى بذلك ولا المزارع، وإنما يجب أن تكون الأسعار مدروسة تضمن للمزارع استرجاع تكاليف الإنتاج مع هامش ربح. وتابع: المزارع لا يسعى وراء أن يصبح سعر تنكة زيت الزيتون 600 ألف ليرة أو أكثر، وإنما همه أن يكون السعر متناسبا مع ارتفاع تكاليف الإنتاج وتعبه خلال العام مع هامش ربح يحفزه على الاستمرار في الزراعة والوصول إلى إنتاج جيد.