مع سعي العديد من المخرجين بشكل جدي وجريء للحفاظ على الشخصيات والسلاسل القديمة المفضلة لدى المعجبين، وأن تكون ملائمة للعصر خلال السنوات الأخيرة، كان تقديم سلسلة «Fast and Furious» المنفتح والمليء بالفوضى غير المنطقية أمرا ممتعا، حيث تمكن فيلم «F9» في 2021 من تقديم عدة مشاهد آكشن جنونية ناجحة مبنية على سحر المغناطيس، وفتح الطريق أمام الجزء الجديد «Fast X»، لكنه جاء محشوا أكثر من اللازم، ووضع صخرة عملاقة في طريق السلسلة، والشيء الوحيد تقريبا الذي ينقذ هذا الجزء من الفيلم هو الشرير غريب الأطوار والمسلي للغاية الذي يؤدي دوره جيسون موموا.
عام 2011 عندما رأينا في فيلم «Fast Five» هوبز يطارد «براين» و«دوم»، وهما يجران خزينة زعيم المخدرات «هيرنان رييس» في أرجاء ريو، كانت تلك نقطة تحول، حيث بدأ المنطق الكرتوني يشق طريقه إلى سلسلة كانت جادة سابقا، فجاءت الأفلام التي تلت ذلك أفضل بسبب هذا الجانب.
يكشف «Fast X» ببساطة أن ابن هيرنان، دانتي (جيسون موموا)، كان في الواقع حاضرا خلال مشهد المطاردة بأكمله، وبعد رؤية الثروة غير الشرعية لعائلته تتدمر، ووالده يتعرض للقتل، يعود الى الظهور مرة أخرى لشن حرب على دوم (فين ديزل)، زعيم عصابة لصوص السيارات والجواسيس الدوليين الأفضل في العالم، متوعدا أنه لا مكان للموت عندما يجب أن تكون هناك معاناة بدلا منه- قد يكون دافعه للانتقام واضحا- ويستمر الفيلم بتذكيرنا بمعاداته لـ «دوم» كلما كان ذلك ممكنا، لكن الطرق التي يتعامل بها «دانتي» لتحقيق انتقامه على عائلة «Fast» غريبة بغرابة أطواره، فقط من خلال التكنولوجيا وقوات المرتزقة يتمكن بطريقة ما من فعل أي شيء، إنه يريد أن يجعل «دوم» يعاني من خلال إيذاء عائلته، لكنه يتجاهل بشكل متكرر فرصا في تحقيق مبتغاه بطرق تبدو أنها غير فعالة.
تتطلب تلك الحرية والعشوائية التي تتمتع بها الشخصية من الممثل أن يكون مستعدا لاستغلال ذلك في أدائه، وجيسون موموا دخل موقع التصوير بكامل عنفوانه، ولو وضعنا مدى فعالية «دانتي» كشرير جانبا، فإن طاقة الفوضى اللامحدودة التي يحافظ عليها موموا طيلة الفيلم هي عنصر ممتع بشكل مستمر، لا توجد طريقة أخرى لقول ذلك، إن «دانتي» شخص غريب الأطوار، وموموا ينغمس في ذلك بحماسة، يبدو الأمر كما لو أنه قام بمشاهدة كل أفلام السلسلة بجلسة واحدة، ثم محاكاة رجولية «دانتي» والمنطق القابل للتنبؤ في كل منعطف، سواء في وجه «دوم» أو وهو بمفرده بالكامل، إنها تلك اللحظات الشريرة ذات الخصوصية هي ما يميز «دانتي» عن الأشرار الآخرين في السلسلة حتى الآن.
إن جميع مشاهد السيارات المعقدة في هذا العمل لا تتمكن من العثور على هوية خاصة بها، وهذا أمر مخيب للآمال بشدة بالنسبة إلى سلسلة اشتهرت بالعثور على طرق جديدة ومثيرة للاهتمام في تحريك المركبات عبر الزمان والمكان والانفجارات والأبنية، أو حتى إلى الفضاء، وما إلى ذلك، حيث يبدو أنه تمت إعادة صياغة العديد من مشاهد الآكشن من الأفلام السابقة. ليس من الجيد أن تجعلنا سلسلة اشتهرت بفوضى المركبات الرائعة نشعر بأن المعارك باليد تبدو تغييرا مرحبا به (خاصة أحدها الذي يتضمن شخصية «سايفر» للممثلة تشارليز ثيرون). في المقابل يمثل مخطط «دانتي» الشرير لدحرجة قنبلة عبر روما إلى الفاتيكان أكثر مشهد آكشن إرضاء، ويرجع الفضل في ذلك مرة أخرى بشكل كبير إلى سلوك موموا غير القابل للتنبؤ، ومع ذلك لايزال هناك جزء كبير متبق من الفيلم لا يستطيع أن يصعد مستوى الإثارة أكثر من ذلك.
لا ينجح المخرج لوي ليترييه كثيرا في الاحتفال بعنصري التطرف أو الميلودراما اللذين تشتهر بهما السلسلة، مما يترك «Fast X» يبدو مرتبكا إلى حد ما في كلا المجالين، فهجوم «دانتي» على روما يرغم «العائلة» على الاختفاء والانقسام، فتطاردهم الوكالة، مما يؤدي إلى تشتيت الحبكة لوجهات نظر أكثر بكثير مما تحتمله القصة من محتوى، لذا يتباطأ الزخم في «Fast X» كلما تعين عليه تحويل التركيز مرة أخرى إلى القصة الأصلية.
يواصل رومان (تايريس غيبسون) وتيج (كريس بريدجز) ورامزي (ناتالي إيمانويل) أدوارهم، وتقوم شخصية «جيكوب» لنجم المصارعة السابق جون سينا بمهمة مجالسة الأطفال لمعظم فترة الفيلم، وبالرغم من أن حبكته الفرعية تبدو غير ضرورية مثل بقية الشخصيات الداعمة، إلا أن أداء سينا الكوميدي من الدرجة الأولى والانسجام المميز بينه وبين ليو أبيلو بيري الذي يجسد شخصية «براين» الصغير يشكلان تغييرا مقبولا عن المواقف الفكاهية المفروضة لفريق رومان، وفي المقابل تم تهميش شخصية ليتي (ميشيل رودريغز)، حيث تجد نفسها عالقة في سجن، ولا يحدث أي شيء ذي مغزى لأي أحد من تلك الشخصيات بحد ذاتها.