- العقيلي: أحسنوا اختيار رفيق السفر فالصاحب ساحب ويمكن أن يجرّه للشر
- الكوس: سافر سفراً مباحاً بعيداً عن أماكن الفساد والشبهات والتزم بالشرع
- العصيمي: احذروا مخالفات السفر الشرعية واتقوا الله في السر والعلن
ذكر القرآن الكريم السفر في كتابه العظيم منها قوله عز وجل: (وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين) وللسفر فوائد كثيرة ومنافع، كما له أيضا عيوب وأضرار، وعن فوائد السفر والآداب التي يجب التحلي بها يحدثنا علماء الشرع.
يقول الشيخ يحيى العقيلي: على المسلم أن يتحرى آداب السفر ويتعلم أحكامه لينتفع بسفره ويحقق مقاصده المشروعة ويؤمن نفسه من آفات الغربة وسلبياتها، فمن آداب السفر النية الصالحة بأن يجعل المسلم من سفره قربة إلى الله حتى في سفره المباح وذلك باستحضار النية الصالحة لقوله صلى الله عليه وسلم «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» وكذلك من الآداب قضاء الديون ورد الودائع والأمانات لأصحابها قبل السفر لتبرأ ذمة المرء ويسلم دينه فإن لم يقدر على سداد الدين فليستأذن المدين في الخروج فإن أذن له خرج وإلا قعد، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين عزم على الهجرة إلى المدينة ترك عليا بن أبي طالب في مكة حتى يؤدي الودائع إلى أهلها، كما ينبغي ألا يتحمل المرء ديونا لسفره المباح كما يفعل البعض. وزاد: ومن آداب السفر حسن اختيار رفيق الـــسفر من أهل الــدين والتـــقوى ليعينه على الطاعة ويذكره ويعينه عند الحاجة، فالصاحب ساحب في سلوكه وأخلاقه وعاداته.
وتابع العقيلي ومن أوجب الواجبات على المسلم في سفره أن يؤدي الفرائض ويجتنب المحرمات ويحافظ على أداء الصلوات فهي عمود الدين وركنه الركين وعلى المسلم ان يودع أهله عند سفره ويوصيهم بخير، فإذا باشر المسافر سفره فيسنّ له الدعاء بأدعية الخروج من المنزل وركوب الدابة ودعاء السفر ليكون في رعاية الله وحفظه، كما على المسلم اجتناب الأماكن المشبوهة ليأمن على دينه وعرضه وخلقه وأن يتحرى الحلال في مأكله ومشربه لاسيما في الدول غير المسلمة.
نصائح
يهدي الشيخ د.أحمد الكوس نصائح إلى كل مسلم ومسلمة بمناسبة موسم السفر في هذا الصيف، قائلا: تذكر أن لله ما في السموات وما في الأرض، فأنت أينما سرت فإنما تسير في ملك الله في البر والبحر أو الجو. ويا من أخفيت نواياك في سفرك عن البشر، ويا من قصدت مكانا لا يعرفك فيه أحد لأنك تخشى أن يراك أو ينقل عنك أحد ما تفعل تذكر قوله تعالى: (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) وأنه تعالى لا يخفى عليه دبيب النملة السوداء على الصخرة الملساء في الليلة الظلماء.
وأضاف د.الكوس: وقد تسمع أيها المسافر عن المشعوذين والسحرة وقرّاء الكف، فاعلم أن الذهاب اليهم محرم وتصديقهم كفر، كما قال صلى الله عليه وسلم: «من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد» واعلم أخي المسلم أنه لا يجوز لك أن تصلي في المساجد المبنية على القبور واجعل نصب عينك قوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة» وتحية عطرة لمن يبحث عن المساجد ليجاورها وقد جاور غيره المراقص والأسواق والمسارح وأماكن الفساد والشبهات، وتحية عطرة لمن جهر بالأذان وسط التجمعات فاعتز بدينه وأقام الصلاة وحافظ عليها. وأكد على أهمية الدعاء وقال: دعاء المسافر مستجاب كما قال صلى الله عليه وسلم: «ثلاث دعوات مجابة لا شك فيهن وذكر منها دعوة المسافر».
وتساءل الكوس: لماذا التنافس يا عبدالله على إشباع الغرائز المحرمة والإكثار من اللهو المحرم والإسراف في شراء أغلى العطور وأغلى المساكن والتسابق على شراء آخر الموضات بالنسبة للنساء؟ ولماذا أيها المسلم تسمح لزوجتك بنزع حجابها الذي هو شرفها وطهارتها وعفتها؟ قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) فسافر سفرا مباحا بعيدا عن أماكن الفساد والشبهات وكن قدوة أيها المسافر وسفيرا لبلادك في الخارج في تعاملك مع الناس وفي سلوكك.
سبع فوائد
من جانبه، يوصي الشيخ د.محمد ضاوي العصيمي المسافرين بتقوى الله جل وعلا ومراقبته في السر والعلن، في الحضر والسفر، ويكون ذلك بأن يعمل العبد على ما يرضي ربه سبحانه ولا يسخطه وتقوى الله قد أمر الله جل وعلا بها في كتابه في آيات عدة منها ما يذكره الخطيب في كل خطبة في استفتاحها (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة) ومما يوصى به المسافر الحياء من الله تبارك وتعالى مثل الحياء من الناس فمن لم يستح من الله ولم يستح من الناس فكبر عليه أربعا، وما أعظم الحياء إذا كان يمنع صاحبه من الوقوع فيما حرم الله تعالى، ومتى نزع الحياء رأينا الجرأة على محارم الله. ومن الوصايا أن يحرص المسلم على بذل الأسباب الشرعية والحسية فالشرعية كالتوكل على الله جل وعلا ودعاء السفر الذي منه غاية تفويض الأمر إلى الله تعالى، ومن بذل الأسباب عدم ورود الأماكن التي انتشر فيها الوباء أو غيره، وعلى المرء بذل الأسباب الحسية كبذل أسباب السفر من مال وإعداد سيارة وتجهيزها واستشعار عبادة التفكر في خلق الله، هذه العبادة التي هجرها كثير من الناس، فالإنسان قد يرى من عجيب خلق الله في بعض البلاد ما يجب أن يحرك في قلبه استشعار عظمة الخالق سبحانه وتعالى الذي خلق الكون الفسيح، ومن الوصايا تعلّم أحكام السفر سيما ما يتعلق بالقصر والجمع ممن نوى سفرا وفارق عمران بلده جاز له القصر أي قصر الرباعية إلى ركعتين ولو طالت المدة (على الصحيح من أقوال أهل العلم) فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قصر في تبوك تسعة عشر يوما وفي مكة عشرة أيام. ونبه العصيمي على أن المسافرين على نوعين مسافر على ظهر سير (فهذا يجمع ويقصر ومسافر نازل فهذا يقصر فقط) والصلوات التي تجمع هي الظهر والعصر تقديما أو تأخيرا والمغرب والعشاء تقديما أو تأخيرا. وشدد على أن يحرص المسلم على أداء سنة الفجر والوتر فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتركها سفرا ولا حضرا.
وأكد العصيمي على أن غاية المسافر قد تكون مستحبة أو واجبة كمن يطلب العلم ويدعو الى الله جل وعلا أو يصل رحمه أو يتفقد إخوانه وفي هذا يقول الشافعي:
تَغَرَّب عَنِ الأَوطانِ في طَلَبِ العُلا
وَسافِر فَفي الأَسفارِ خَمسُ فَوائِدِ
تَفَرُّجُ هَمٍّ وَاِكتِسابُ مَعيشَةٍ
وَعِلمٌ وَآدابٌ وَصُحبَةُ ماجِدِ