بيروت ـ اتحاد درويش
رأى الخبير الاقتصادي د.إيلي يشوعي أنه لا يمكن الحكم على البيان الذي صدر عن النواب الأربعة لحاكم مصرف لبنان الذين لوحوا فيه بالاستقالة من مناصبهم ما لم يتم تعيين حاكم جديد عند شغور هذا الموقع، ما إذا كان تكتيكيا أم جديا، فإذا كان تكتيكيا فهو عملية ضغط لحشر الجميع في موضوع اختيار حاكم جديد للبنك المركزي. أما إذا كان جديا مع ما رافقه من تبريرات في البيان من «أننا لسنا مقصرين، انما الدولة هي المقصرة». فإذا كان الأمر كذلك ومرتاحين على وضعهم النقدي فلماذا التلويح بالاستقالة، معنى ذلك أن كل الأرقام التي يدفع بها حاكم البنك المركزي يبدو أنها غير صحيحة في حال لم يكن هذا البيان تكتيكيا.
وأشار د.يشوعي في تصريح لـ«الأنباء» أن بيان النواب الأربعة هو للضغط، أي تكتيك لحشر من يعارض تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي والقول إن قسم اليمين للحاكم الجديد لا يمكنه أن يحصل إلا أمام رئيس الجمهورية، والاحتمال الثاني يعني أن المسألة جدية ومرتبطة بإمكانية أن ينفجر الوضع النقدي في وجههم بسبب التراجع الدراماتيكي لما تبقى من أموال اللبنانيين الدولارية في البنك المركزي، وعليه لا يمكن تقدير الموقف الذي يعني الاحتمالين معا.
وردا على سؤال يتعلق بمصير الاستقرار المالي والنقدي عند خلو منصب حاكمية مصرف لبنان. أكد د.يشوعي أن لا فرق لأن الوضع المالي والنقدي لا يسلك الطريق السليم، والمطلوب إيقاف هذا النزف المالي الذي لا طعم له، بما أن الاقتصاد أصبح مدولرا. ويبقى الأمر متعلقا فقط بالموظفين في القطاع العام الذي تبقى الحلول لهم موجودة في حال ارتفع سعر صرف الدولار.
ورأى أن الحل بأن يتحمل النائب الأول للحاكم المسؤولية، انما أن نرى أول توقيع على البيان هو توقيعه معنى ذلك انه اذا كانت عملية تكتيكية ستفشل ويعود عن قراره. وإذا كانت جدية ويمضي بها الى الآخر يعني فراغا في حاكمية المصرف المركزي كما في رئاسة الجمهورية، وعندها فإن المديرين يسيرون الأعمال الروتينية. سائلا هل كان رياض سلامة «شايل الزير من البير».
وعن استقرار سعر صرف الدولار في السوق الموازية (السوداء) أكد د.يشوعي أن هذا الاستقرار هو استمرار لتثبيت النقد، وهي عملية مكلفة جدا، والبرهان أن تكلفتها اليومية للمصرف المركزي هي 150 مليون دولار من رصيد الودائع المتبقية، ورياض سلامة لن يرحل الا ويكون قد قضى على آخر دولار. لافتا إلى أنه لم يعد هناك من دولارات ولم يعد بإمكان المصرف المركزي التدخل بمنصة صيرفة، من هنا تصاعد الحديث عن توقف عمل هذه المنصة التي هي ابتكار لا وجود لها في السياسات النقدية، وهي فيلم من أفلام سلامة ومعه شريكته ماريان الحويك.
وعن توحيد سعر الصرف كما يطالب صندوق النقد الدولي رأى د.يشوعي أن رياض سلامة لا يريد توحيد سعر الصرف، والدليل أنه كلما تدخل مصرف لبنان في السوق الحقيقية أو الموازية ينخفض سعر صيرفة، من أجل أن تبقى التجارة والأرباح ماشية، وصيرفة كانت بلغت في وقت سابق 87 و88 ألف ليرة واليوم 86، لكي يبقى هناك هامش للربح.
وعما إذا كانت خطة إعادة التوازن المالي ستؤدي الى شطب أموال المودعين كما يتردد لفت د.يشوعي الى أن المواضيع والارتكابات الشخصية لا علاقة لها بانتخاب رئيس للجمهورية ولا بصلاحياته، وهو من خلال صلاحياته يمكنه بناء البلد في حال انتخابه. أما الودائع هي مسألة قضائية وتتعلق بالقضاء، إما أن ينظر أو لا ينظر، يحكم أو لا يحكم، يحقق أو لا يحقق ونقطة على السطر. اذا مشكلة المودعين مع القضاء.
وأشار د.يشوعي الى أن القضاء الأوروبي لم يتمكن من فعل شيء مع رياض سلامة، كما لم يتمكن الإنتربول من إلقاء القبض عليه. ونادرا ما يحصل أن تقوم قوة دولية وتلقي القبض على شخص وتحيله الى محكمة العدل الدولية، ولن يحصل الأمر مع رياض سلامة لأنه محميا من الذي كلفه بإفلاس لبنان.
وعن التدقيق الجنائي والجدل الحاصل حول ما تسلمته وزارة المالية من الشركة المعنية بالتدقيق، أكد د.يشوعي أن شركة «الفاريز أند مارسال» التي قامت بالتدقيق لن توقع هي على التقرير الصادر عنها حتى لا تتحمل المسؤولية، وهي تلقت ضمانة من الدولة اللبنانية من أن هذا التقرير لن يمر في المحاكم وهو غير صالح لها، اذن ما المنفعة منه؟ معتبرا أن ما تسلمه وزير المال من الشركة أكان مسودة أم تقريرا أوليا أو نهائيا، وأيا كان فإنه غير موقع من قبل الشركة ولا يستعمل من قبل المحاكم أي أنه مجرد ورقة.
وأوضح د. يشوعي أن رياض سلامة ومن لف لفه لم يقبل بشركة «الفاريز أند مارسال» إلا من خلال وضع الشروط ووافقت الشركة على أ لا توقع على التقرير وألا يستعمل في المحاكم، وطالبت بمعرفة ماذا يوجد في المصرف المركزي والتدقيق فيه، فماذا قدم لها سلامة؟ وماذا أخفى عنها؟ لا أحد يعلم، ما يعني تعطيل مفاعيل التقرير قبل صدوره.
وختم د. يشوعي بالإشارة الى أن رياض سلامة أطلق النار على رأس مليون و200 ألف مودع لبناني، وفي الأصل هم مليون و250 ألفا وقد حول أموال 50 ألفا منهم الى الخارج.