بيروت ـ عمر حبنجر
يبدو أن المقايضة التي طرحها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل مع حزب الله «أعطونا اللامركزيـــة الموسعـــة والصندوق الائتماني وخذوا الحكم لست سنوات»، هي مصدر «الكوة»، التي تحدث عنها رئيس مجلس النواب نبيه بري في جدار الاستحقاق الرئاسي المسدود، بعد زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الثانية له، وفسر المعارضون استعجال باسيل طرح هذه المقايضة مع حزب الله بهدف الاستئثار بالموقف المسيحي من الاستحقاق الرئاسي.
ورأى مصدر في حزب الله أن قول باسيل «أعطونا اللامركزية الموسعـــــة والصندوق الائتماني وخذوا منا الرئاسة ست سنوات» هو موقف مشجع، وبداية جيدة للحوار من أجل الوصول إلى اتفاق بين «التيار» و«الثنائي الشيعي» حول رئيس الجمهورية.
لكن مصادر حـزب القوات اللبنانية رأت ان إقرار «اللامركزية الموسعة والصندوق الائتماني» لا يمكن ان يتحقق إذا وافق عليه «التيار» وحزب الله وحدهما، إنما إقرار هذه القوانين يحتاج إلى تقاطعات سياسية أوسع.
وتطرق باسيل إلى الخطاب الذي ألقاه في عشاء هيئة قضاء المتن وتناول فيه موضوع رئاسة الجمهورية، وأشار إلى أن «البعض ممن سمع كلامه اعتبر فيه تشددا عندما دعا إلى عدم الرهان على تغيير موقفه، وسواهم اعتبر ان كلمتنا كانت تتضمن تنازلا عندما قلنا اعطونا اللامركزية الإدارية والمالية والموسعة للانماء المناطقي واعطونا الصندوق الائتماني للانماء الوطني واعطونا برنامج بناء الدولة وخذوا منا تضحية ست سنوات»، مؤكدا اننا «لم نقايض على رئاسة الجمهورية أو صلاحيات الرئيس بل نأخذ ثمن الاسم على مدى ست سنوات، وبعد تجربة العماد عون بالرئاسة انا أتحمل مسؤولية التنازل عن الاسم مقابل أخذ مكسبين للمسيحيين ولكل اللبنانيين شرط أن يتم إقرارهما بقانون من مجلس النواب وقابل للتنفيذ الفوري فور إقراره»، واعتبر أن «هذه التضحية تستحق لكن السؤال: هل هم مستعدون لدفع ثمن كهذا؟».
رئيس القوات اللبنانية د.سمير جعجع، وفي عشاء إذاعة «لبنان الحر» التابعة لحزب «القوات»، قال: إن من أوصلنا إلى هذا الدرك هو محور الممانعة، أي حزب الله وحلفاؤه، من خلال وضع يده على السلطة، بشكل شبه كلي، وهذا المحور يتألف من فصيلين: حزب الله ومن يشبهه، والتيار الوطني الحر وسواه، قائلا: لبنان هؤلاء ليس لبناننا.
وأضاف جعجع «لم يعد مسموحا تدوير الزوايا أو المسايرة في خضم تفاقم الأزمة، لذا نحن مستمرون في المواجهة السلمية الديموقراطية السياسية حتى تحقيق ولادة لبنان الذي نحلم به. انطلاقا من هنا، نشدد على رفض عهد جديد لمحور الممانعة، على خلفية «نجاحاته» السابقة الباهرة، الذي تسلم زمام السلطة حين كان احتياطي مصرف لبنان نحو 70 مليار دولار قبل تبخره اليوم، وبالتالي لن نسمح لهم ببيع لبنان».
وكان جعجع وعقيلته النائبة ستريدا جعجع استقبلا في دارهما في معراب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط، في لقاء حمل دلالات رمزية، حيث ترأس وفدا قوامه النائبان أكرم شهيب ووائل أبوفاعور والنائب السابق نعمة طعمة، بحضور نائب رئيس حزب القوات النائب جورج عدوان والنائبين ملحم الرياشي ونزيه متى، وقد تباحثوا في آخر التطورات السياسية في البلاد.
وكان اللقاء مناسبة أهدت خلالها النائب جعجع زميلها جنبلاط كتابا بعنوان «وادي قاديشا» احتفاء بتوليه رئاسة الحزب، وكتبت له في الصفحة الأولى «من أرز الرب إلى أرز الشوف تاريخ تعاون وطني ونضال في خدمة لبنان».
وتابعت «أطيب التمنيات بالنجاح والتوفيق في مسيرتكم الجديدة من أجل سيادة لبنان وتنوعه واستقراره وتعزيزا للعيش المشترك في الجبل على أساس المصالحة التاريخية في الـ 2001».
تأتي هذه الزيارة في إطار جولة جنبلاط على المرجعيات السياسيـــة بمناسبة انتخابه رئيسا للحزب التقدمي الاشتراكي.
في الغضون، أعلن المساعد السابق لوزير الخارجية الأميركي ديفيد شينكر، في مقابلة صحافية، أنه «لا جدوى من انتخاب رئيس ضعيف للبنان لا يلتزم بإطلاق الإصلاحات ولن يلتزم»، وحين سئل: هل يقصد سليمان فرنجية؟ أجاب «أجل وأي أشخاص لا يطبقون الإصلاحات»، متوقعا وصول العماد جوزاف عون إلى الرئاسة في النهاية.
في الأثناء، يسود الترقب للاختبار الحاسم لمصير حاكمية مصرف لبنان المركزي، الحاكم رياض سلامة يغادر مقره مذيلا بالعديد من الملاحقات القضائية، في لبنان وفرنسا وألمانيا وسويسرا ولوكسمبورغ، ليحل محله نائبه وسيم منصوري الذي دعا إلى مؤتمر صحافي، مستبقا جلسة مجلس الوزراء المخصصة لمناقشة الموازنة العامة بعد الظهر، وللتذكير بالحاجة إلى غطاء قانوني للإنفاق من الاحتياط الإلزامي من العملات الأجنبية، قبل حسم الموقف.