بيروت - عمر حبنجر
دوامة الانتظارات اللبنانية المملة تمددت شهرا كاملا، بحسب «وصفة» الموفد الفرنسي - الخماسي جان إيف لودريان الذي أنهى زيارته الثانية إلى لبنان وغادر بيروت ليعود في الموعد الذي حدد للآخرين، ليعاود محادثاته الهادفة إلى بلورة مواصفات رئيس الجمهورية، وبرنامج عمله واختيار الاسم القادر على كسر الجمود، على ان يكون منزها وفوق الشبهات ومؤهلا لمواجهة التحديات.
والراهن أن زيارة لودريان الثانية فتحت باب المناقشات الداخلية على دفتيه، فكان طرح مقايضة رئاسة الجمهورية باللامركزية الموسعة وسواها من أمور إصلاحية، التي عرضها رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل على «حزب الله»، إلى الصورة الجامعة للنواب السنة في دار السفير السعودي وليد بخاري خلال حفل تكريم مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان، إلى تجمع المعارضة تحضيرا لموقف جامع في مواجهة «المناورات الرئاسية» التي يمارسها فريق «الممانعة»، والسؤال: مادام هذا الباب فتح على يدي لودريان بصورة من الصور، لماذا لم يتابع، بدلا من التأجيل الى سبتمبر، مع المزيد من الشغور في آليات الحكم اللبناني؟
أم المطلوب فسحة من الوقت، لتظهير نتائج مباحثات باسيل مع «حزب الله»، حول المقايضة التي طرحها رئيس «التيار الحر»؟.
البطريرك الماروني بشارة الراعي توقف في عظة الأحد، أمام هذه المفارقة متسائلا: هل عطلة أغسطس هي لاستجمام النواب ساحلا وجبلا؟ وهل من يقول لنا لماذا أبطل نصاب انتخاب رئيس الجمهورية في 14 يوليو؟
من جهته، جبران باسيل قال في عشاء لتياره في الشوف: «لبنان محكوم بمنظومة فاسدة ممسكة بماليته وسيادته، وأوضح ما سبق له ان أعلنه في طرح مقايضة الرئاسة باللامركزية الموسعة والصندوق الائتماني بقوله: «ثمن مرشحهم لرئاسة الجمهورية بالنسبة لنا، لن يكون أقل من لامركزية إدارية موسعة، نحصل عليها سلفا مقرة بقانون، وصندوق ائتماني «كمان مدفوع لنا»، مقابل تأييد مرشحهم، سلفا وبقانون وبرنامج لبناء الدولة، «وغير هذا الله يوفقكم روحوا ابتلوا لوحدكم وشو بدكم فينا...».
أما رئيس حزب «القوات اللبنانية» د.سمير جعجع، فشدد على رفض اي عهد جديد لمحور الممانعة، وقال: سنواجه التحديات والعمل لإيصال الرئيس الملائم الى بعبدا، ليقوم بالاستشارات النيابية الملزمة، للإتيان برئيس حكومة ينجح بتشكيل حكومة جديدة تنجز الإصلاحات المطلوبة لاستعادة عافية لبنان.
وفيما تستمر «عطلة» الملف الرئاسي حتى سبتمبر، يغلق شهر يوليو اللبناني اليوم الاثنين صفحة مالية سوداء تجاوز عمرها ثلاثة عقود، لتفتح صفحة جديدة في تاريخ حاكمية مصرف لبنان المركزي، يؤمل ألا تكون امتدادا لما سبق..
بداية هذا اليوم، ستكون مع المؤتمر الصحافي الذي اعلن وسيم منصوري عن عقده، ونهايته مع جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد، عصرا، للشروع بمناقشة بنود الموازنة والتطورات المالية. ويتجه نواب حاكم المصرف المركزي رياض سلامة نحو التعامل المرن مع الوضع المستجد، تجنبا لتداعيات التصلب على الوضع المالي العام، إلا انهم متمسكون بشروط التغطية الحكومية والنيابية لطلبات الحكومة السحب من الاحتياطي الإلزامي لتسيير أمور الدولة.
وقالت مصادر متابعة ان الحكومات المتعاقبة كانت تغطي السحوبات المطلوبة من الحاكم سلامة كلاميا، دون تشريع صحيح، الأمر الذي أدى إلى ما أدى إليه.
وتضيف المصادر أن رياض سلامة عالق في شباك الاختلاس وتبييض الأموال، حتى بلغت أعماله المشتبه بشرعيتها نحو 300 مليون دولار ونيف، بحسب الملاحقات القضائية الأوروبية واللبنانية له، في حين أظهرت التدقيقات والإحصاءات ان العهد السابق تسلم السلطة وفي احتياطي المركزي 77 مليار دولار، كما يقول جعجع، لم يبق منها سوى 9 مليارات، هي الآن كل رصيد الدولة اللبنانية. فكيف تبخرت كل هذه الأموال؟ وإلى أي مستقر انتهت؟ فهل من يجرؤ على وضع النقاط فوق الحروف؟