بيروت - عمر حبنجر
احـتـلت الاشتـباكــات المسلحة في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين صدارة الاهتمامات اللبنانية والإقليمية خصوصا، بعد توسعها الى درجة استهداف حواجز للجيش اللبناني حول المخيم، الواقع في جوار مدينة صيدا التي أغلقت مؤسساتها التربوية والجامعية، وأقفرت شوارعها المتاخمة للموقع.
رئـــاســة الحــكـومــة الفلسطينية اعتبرت ما حصل من اغتيالات وقتل ودمار، تجاوزا للخطوط الحمر، وحركة «فتح» توعدت بأن «دم العميد محمد حسن الغمروشي لن يذهب هدرا».
مصادر ديبلوماسية في بيروت ردت ما يجري في عين الحلوة الى التجاذبات الإقليمية على ساحة القضية الفلسطينية.
وأشارت الى اجتماع الفصائل الفلسطينية في مدينة «العلمين» المصرية، بحضور رئيس السلطة محمود عباس، واتفاقها على إنهاء الانقسام واستكمال الحوار، وكان اللافت غياب حركة «الجهاد الإسلامي» المدعومة من إيران ومنظمة «الصاعقة»، المدعومة من دمشق والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وكانت قيادة الجيش اللبناني حذرت من مغبة تعريض المراكز العسكرية، المحيطة بالمخيم، للخطر مهما كانت الأسباب، وأكدت أن الجيش سيرد على مصادر النيران بالمثل.
لكن مصادر متابعة توقعت إبعاد أسلحة المتقاتلين داخل المخيم عن مراكز الجيش لانتفاء مصلحة الطرفين بتكرار ما حصل في مخيم نهر البارد، في شمال لبنان قبل 12 عاما تقريبا. وكانت الاشتباكات تجددت، صباح امس بعد ليلة حامية، من نتائجها اشتعال النار في مسجد زين العابدين في حي الطوارئ بالمخيم، كما انفجرت قذيفة فوق مستوصف في بلدة الهلالية، شرقي صيدا، تسببت بأضرار مادية.
وطالت الاشتباكات أحياء صيدا القديمة بالمخيم، ما دفع بالقوى الأمنية الى اغلاق الاوتوستراد الشرقي في المدينة، كما اعلن محافظ الجنوب وقف العمل في سراي صيدا الحكومي القريب من المخيم.
وتشير تقارير أولية الى ارتفاع عدد القتلى داخل المخيم الى 9 والجرحى الى 43 مع تدمير 40 منزلا.
حركة «أمل» جمعت بعض الفرقاء المتحاربين بحضور «حزب الله» في مكتبها بحارة صيدا، محاولة إقناعهم بوقف التقاتل لكنها لم تفلح، بسبب غياب ممثلي حركة «فتح».
ولاحقا أصدرت بيانا ذكرت فيه انه بعد فشل الجهود التي قادها رئيس مجلس النواب نبيه بري مع الأطراف المعنية بالاشتباكات، أكدت الحركة أنها «ستكون بالمرصاد لأي وجوه غريبة ستدخل المخيم للمشاركة في المعركة وسنكون أول الملبين إن طلب الأمر منا أمام إخوتنا وأهلنا في مخيم عين الحلوة وكما نجدد ونقول إن جميع منازلنا ومكاتبنا في حارة صيدا مفتوحة للجميع».
وسجل دخول مدفعية «الهاون» على خط الصراع، وقد أصيب مسجد حطين، داخل المخيم، وشن المسلحون المعادون لفتح هجوما في حيي: «الطيرة»، و«الرأس الأحمر»، بقيادة بلال بدر، الملقب «بأسد الطيرة»، وأفيد عن خروج جماعي من المخيم بعد اشتعال جميع المحاور.
سياسيا، يسعى نائب صيدا أسامة سعد، الوثيق الصلة بالمنظمات الفلسطينية، لعقد هدنة يعقبها تفاهم، لكن البعض في صيدا يستذكر الفخ الذي نصب للشيخ أحمد الأسير باستدراجه الى المواجهة مع الجيش حيث لا زال في سجنه حتى اليوم.
وتوجه مفتي لبنان الشيخ عبد اللطيف دريان بنداء الى المتقاتلين الفلسطينيين في مخيم عين الحلوة بوقف التقاتل فورا، وقال: «لا يجوز شرعا ما يجري من قتال الإخوة مهما كان السبب، ينبغي المحافظة على أمن الناس وأرواحهم، وقضيتنا كانت وستبقى فلسطين وقدسها وأهلها» ولهذه الغاية أجرى اتصالا بالسفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور، داعيا الفصائل الفلسطينية لتوحيد البندقية الفلسطينية بوجه العدو الإسرائيلي المحتل، مؤكدا أن أي قتال بين الإخوة الفلسطينيين هو قتال عبثي يسيء الى الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية وتاريخها النضالي، والى الشهداء الذين سقطوا في سبيل القضية الأم.
وعقد في مستشفى «الهمشري» في صيدا، اجتماع ضم السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور وأمين سر حركة «فتح» وفصائل «منظمة التحرير الفلسطينية» في لبنان فتحي أبوالعردات، ورئيس لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني باسل الحسن، حيث جرى البحث في الوضع الأمني في مخيم عين الحلوة.
من جهته، رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل قال: لا يجب أن تتواجد أي قطعة سلاح خارج الشرعية اللبنانية، وأضاف: «نحن مع تجريد المخيمات من السلاح بشكل كامل ومع أن تفرض الدولة الأمن داخلها وهذا يتطلب قرارا جريئا».
وتابع الجميل، بعد لقائه السفيرة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا: «لطالما حذرنا من المشاكل في مخيم عين الحلوة، وهناك موافقة من السلطة الفلسطينية لإخلاء المخيمات من السلاح لكن توازن الرعب مستمر داخلها».
وحمل الجميل: «حزب الله مباشرة مسؤولية كل ما يحصل أمنيا واقتصاديا وقلبنا مع أهل صيدا ومع الجيش اللبناني».