بيروت - عمر حبنجر
يستذكر اللبنانيون، اليوم الجمعة، الرابع من أغسطس، بغصة وحزن الانفجار الذي دمر مرفأ بيروت، وقضى على 240 مواطنا وجرح الآلاف، فضلا عن الدمار الهائل الذي خلفه.
الغصة والحزن ما كانا ليبلغا هذا المبلغ من الأسى والغضب لو ترك للعدالة دورها، في كشف ومعاقبة المسؤولين عن واحد من أكبر الانفجارات غير النووية. لكن بعد 3 سنوات من عرقلة التحقيقات مازال الفاعل مجهولا، أقله على الصعيد الرسمي، ومازال الجرح ينزف والحزن عميق. وبالمناسبة، قالت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية آية مجذوب في بيان صدر أمس إن السلطات اللبنانية استخدمت كل السبل لتقويض التحقيق في انفجار المرفأ وعرقلته «بوقاحة».
وغرد الرئيس سعد الحريري عبر حسابه على «X» «تويتر سابقا»، قائلا: «4 آب... بصمة سوداء على جبين مرحلة من تاريخ لبنان. جرح بيروت لن يندمل والعدالة آتية مهما طال الزمن».
في هذه الأثناء، تستمر العين في لبنان على تطورات الاقتتال بين الفصائل الفلسطينية في مخيم عين الحلوة المجاور لمدينة صيدا، والمراوحة بين وقف إطلاق النار وخرق لهذا الاتفاق.
فقد عاش سكان مخيم عين الحلوة والأحياء الصيداوية المجاورة تحت وابل من قذائف «الهاون» و«الآر بي جي» و«الإينيرغا»، فضلا عن رصاص الثنائي والرباعي المضاد للطائرات حتى وقت متقدم من ليل أمس الأول، وسجل سقوط قذائف عند دوار الأميركان، وفي ساحة النجمة في صيدا، وسقطت قذيفة في مخيم المية ومية المجاور، وأفيد عن سقوط قتيل من «فتح» يدعى يونس أبوشقرا، و6 جرحى، كما تعرض مقر القوى الفلسطينية المشتركة للقصف بقذائف صاروخية.
وأمام احتدام الوضع ألمح موقع «لبنان 24»، القريب من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بصيغة التساؤل عن احتمال دخول الجيش اللبناني إلى المخيم المشتعل، في حين ذكرت قناة «الجديد» ان مدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد طوني قهوجي أجرى اتصالات مع قيادة الصف الأول «الفتحاوي» وأبلغها ضرورة معالجة الوضع سريعا، وإلا فإن الجيش اللبناني لن يسمح بإطلاق رصاصة واحدة بعد الآن.
وقد أعاد الجيش اللبناني فتح مداخل ومخارج المخيم أمام الأهالي في الفترة الصباحية للمغادرة أو لتفقد منازلهم، وزار سفير دولة فلسطين لدى الجمهورية اللبنانية اشرف دبور، قائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون أمس الأول.
الرئيس ميقاتي تابع الوضع في مخيم عين الحلوة عبر اتصال هاتفي أجراه بالرئيس الفلسطيني محمود عباس. كما أجرى اتصالين للغاية ذاتها بعضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية عزام الأحمد وسفير فلسطين أشرف دبور.
وجدد رئيس الحكومة مطالبة القيادات الفلسطينية بـ «وقف الاقتتال الذي يشكل انتهاكا صارخا للسيادة اللبنانية وخصوصا أن اللبنانيين الذين ناصروا على الدوام القضية الفلسطينية، هالهم هذا الاقتتال الذي يدور على أرضهم ودفعوا في السابق أثمانا غالية بسببه».
وتستمر المساعي لتطبيق وقف إطلاق النار برعاية هيئة العمل الفلسطيني المشترك التي دخلت الى المخيم أمس الأول.
وعلى الصعيد السياسي، ما زالت المواقف المتباينة بين الرئيسين بري وميقاتي على تباعدها حيال تأمين التغطية القانونية للسحوبات المالية من مصرف لبنان، حماية لحاكمه بالإنابة وسيم منصوري. وقالت مصادر رئاسة المجلس إن بري لا يرغب في أي مشكلة مع الحكومة ولا داخل الحكومة، مراهنا على إيجاد صيغة للتمويل تحت سقف القانون.
بدوره، المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل كشف عن أن رئيس المجلس سيدعو الى جلسة نيابية تشريعية لإقرار الصندوق السيادي للنفط والغاز، مشيرا الى ان قوننة إقراض الحكومة من الاحتياطي شأن الحكومة أولا، ومن خلال مشروع قانون الى مجلس النواب.
وكان الرئيس ميقاتي حمل همومه المالية والسياسية الى «الديمان»، حيث المقر الصيفي للبطريركية المارونية، طالبا «اللجوء الوزاري» الى البطريرك الراعي، ومقترحا عقد جلسة لمجلس الوزراء في الديمان، الثلاثاء المقبل، لكنه استدرك لاحقا الخطأ الذي ارتكبه بالدعوة الى جلسة حكومية خارج العاصمة خلافا للدستور الذي يعتبر مقر الحكومة في العاصمة، بالقول إنه دعا الوزراء إلى اجتماع تشاوري في الديمان، وليس عقد جلسة وزارية. وواضح ان غرض ميقاتي من مثل هذه الدعوة دعم موقعه السياسي لأن حكومته تفتقد الغطاء المسيحي القوي بغياب «التيار الوطني الحر» عن جلساتها، لكن البعض ذهب بعيدا في تفسير لجوء ميقاتي الى الديمان، لتعزيز موقفه الحكومي، إلى حد السؤال عما اذا كان واردا ترشيح البطريرك الراعي لرئاسة الجمهورية.
وفي السياق الرئاسي، تقول مصادر متابعة لـ «الأنباء» ان الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان قرر الاتصال برؤساء الكتل النيابية اللبنانية، طالبا إجابات خطية يحددون فيها ما يرونه من برنامج الرئيس العتيد ومواصفاته، ليتم بحثها على طاولة العمل التي يعد لعقدها في سبتمبر المقبل.