بيروت - عمر حبنجر
الأجواء اللبنانية عابقة بالغموض، والمعطيات السياسية لا تبشر بالخير ومثلها المؤشرات الامنية، أكان على مستوى المخيمات الفلسطينية، وتحديدا مخيم عين الحلوة، حيث تم وقف إطلاق النار بين «فتح» والمنظمات الفلسطينية الاخرى السائرة في خط الممانعة الاقليمية، أم على المستوى الاقليمي الأوسع، والأخطر في الأمر ما يروج له الاعلام الاسرائيلي وبالتحديد الاعلامي روعي كايس الذي بدا له من مجمل التطورات أن «الضربة للبنان باتت قريبة جدا».
كما أشارت «قناة 13» العبرية الى تدريبات أجراها سلاح الجو والمظليين هذا الأسبوع، تحاكي شن عمليات داخل لبنان في اعقاب معركة مع «حزب الله».
وفوق كل هذه المعطيات السلبية تضع الاوساط السياسية المتابعة في بيروت حاجة رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو الى شد العصب حول شخصه وبالتالي حكومته، بعد التظاهرات الشعبية الحاشدة ضده.
ووسط كل هذه المستجدات جاءت دعوة السفارة السعودية لرعاياها الى مغادرة لبنان على عجل، وتحذير السفارة الكويتية والألمانية رعاياهما بعدم الاقتراب من اماكن التوتر.
رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تابع التطورات المتصلة بالبيانات التحذيرية التي صدرت من عدة دول، مع القيادات العسكرية والامنية.
وبحسب بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، فإن المعطيات المتوافرة أفادت بأن الوضع الامني بالاجمال لا يستدعي القلق والهلع، وان الاتصالات السياسية والامنية لمعالجة احداث مخيم عين الحلوة قطعت اشواطا متقدمة، والامور قيد المتابعة الحثيثة لضمان الاستقرار العام ومنع تعكير الامن او استهداف المواطنين والمقيمين والسياح العرب والاجانب.
وقد كلف الرئيس ميقاتي وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب التواصل مع الاشقاء العرب لطمأنتهم الى سلامة مواطنيهم في لبنان.
كما طلب من وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي دعوة مجلس الأمن المركزي للانعقاد للبحث في التحديات التي قد يواجهها لبنان في هذه الظروف الإقليمية المتشنجة، واتخاذ القرارات المناسبة لحفظ الامن في كل المناطق اللبنانية.
ووفق المصادر المتابعة فإن سيطرة حركة «فتح» وبالتالي السلطة الفلسطينية على الأوضاع في المخيم، ونزع سلاح المجموعات المدعومة من «حزب الله» يشكل هدفا كبيرا في مرمى الحزب ومن وراء الحزب قد لا يستطيع تحمله، لا على صعيد حضوره في لبنان، ولا على مستوى هيبته الاقليمية.
ولطالما كانت محاولات اخراج الاسلحة من داخل المخيمات الفلسطينية تطلعا لإنهاء «اتفاقية القاهرة» بين لبنان والسلطة الفلسطينية واحدة من امنيات السلطة اللبنانية، لكن حاجة القوى المحيطة بلبنان الى هذا السلاح كبؤرة توتر تحت الطلب حالت دائما، دون ذلك.
فهل هذا هو المطلوب حقا، كما تقول بعض مصادر الممانعة؟ الجواب يأتي في الأيام القادمة، فإن تجددت الاشتباكات في مخيم عين الحلوة او سواه من المخيمات، نكون امام مرحلة تصفيات صعبة يمكن ان تتمدد باتجاه جميع المخيمات الفلسطينية في لبنان، وربما الى خارج لبنان في اطار لعبة اكبر، وإما أن يصدر قرار عن الأطراف الفلسطينية المعنية بتثبيت وقف اطلاق النار القائم منذ الأربعاء في مخيم عين الحلوة، اليوم الأحد أو غدا الاثنين، وإما تستأنف الاشتباكات على نطاق اوسع، او كما نقل عن مسؤول في «فتح» قوله: جولة انتهت ومعركة كبرى لن تنتهي، وربط ذلك بعدم تسليم الجماعات الاخرى قتلة اللواء محمد حسن الغمروشي.. لأنه لن يكون مقبولا تحجيم حركة «فتح» في لبنان.
وكان لبنان امضى يوما طويلا مع الذكرى السنوية الثالثة لتفجير مرفأ بيروت، يوم أمس الأول الجمعة، وكانت مسيرة حاشدة لأهالي الضحايا في منطقة المرفأ تخللها إشكال أمني مع النائب سيزار ابي خليل، عضو تكتل «لبنان القوي»، الذي حضر للمشاركة في المسيرة على رأس وفد من «التيار الوطني الحر» فتصدى له بعض الأهالي بالشتائم وقوارير المياه، لأنه كتياري عرف بوجود النيترات المتفجرة في أحد مستودعات المرفأ، قبل الانفجار ولم يتحرك لا هو ولا الرئيس السابق ميشال عون رغم اعتراف الأخير بذلك علنا.
وزير العدل هنري خوري من «لبنان القوي» أيضا، اعترف أمس، بوجود صعوبات كثيرة تعترض ملف التحقيق بانفجار المرفأ، مشيرا الى ان التعيينات اللازمة التي تسمح باستكمال التحقيقات لم تصدر من مجلس القضاء الاعلى.
ونقل عن المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار تمسكه بالتحقيقات الى حين اصدار القرار الظني، على الرغم من الدعاوى التي تلاحقه.
وفي باريس قال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، «إن لبنان ليس وحيدا ولن يكون كذلك ابدا»، وتوجه الى اللبنانيين بقوله: «بإمكانكم الاعتماد على فرنسا وعلى تضامنها وعلى صداقتها».
وبالمناسبة عينها، وجه اعضاء الكونغرس الاميركي، من اصول لبنانية، رسالة الى وزير الخارجية انتوني بلينكن اشاروا فيها الى الانفجار التاريخي في مرفأ بيروت وضرورة تحريك التحقيق به.
الموفد الرئاسي الفرنسي الى لبنان جان ايف لودريان قال ان افكاره تذهب الى الضحايا الذين اودى بهم الانفجار، واضاف عبر موقع «إكس» (تويتر): يجب تحقيق العدالة من دون اي تدخل سياسي.