أرسل لي صديق مقطعاً مصوراً يعتبره مثيراً للضحك، يظهر فيه أحد الأشخاص من كبار السن يحاول عد أكياس بلاستيكية، مصحوبا بتعليق
«حينما تكون متقاعدا»، منعني من الضحك أني تربيت على احترام كبار السن، وان السخرية من الآخرين نقيصة بالأدب، وعلة بالأخلاق، لا أسخر من كبير بالسن لأنني لا أريد أن أخالف ديني وأرتكب معصية، فقد نهى الله عن ذلك في قوله تعالى (.. لا يسخر قوم من قوم).
ولكن لماذا المتقاعد أصبح مادة للسخرية، وبات تُصنع عنه مقاطع مصورة بهدف جذب المشاهدات؟ لن أتطرق إلى الأسباب، ولكني سأذكر النتائج، انتشار مثل هذه المقاطع سيعلم الأطفال والشباب ألا يحترموا كبار السن، وان المتقاعدين ما هم إلا أناس يثيرون الضحك بتصرفاتهم.
لكن كيف وصلنا إلى مثل هذا الموقف؟ لسنوات طويلة لم يترك المتقاعدون دربا إلا وسلكوه، طرقوا جميع الأبواب حتى يستمع إليهم أحد، و لم ينالوا شيئا إلا بعد مناشدات ومطالبات ووقفات احتجاجية ومنشورات عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، بالرغم من أن جميع مطالبهم هي حقوق يكفلها لهم القانون، وليست صدقة ولا منّة من أحد، وبالرغم من العناء الذي نلاقيه أصبحت مطالب المتقاعدين مادة للمتاجرة من قبل البعض حتى استمرت الأزمة إلى وقتنا الحالي.
فعليا الأمر يزداد سوءا وتعقيدا ولم يبق للمتقاعدين الذين أفنوا حياتهم في خدمة هذا الوطن الكثير من العمر، فلقد أرهقتنا المطالب، وحاصرتنا الديون، مطالبنا محدودة ولن نطالب بأن نعامل بمعاملة المتقاعدين بالدول الأخرى الذين تمنحهم دولهم الكثير من الامتيازات تقديرا واحتراما لهم، أعطونا فقط حقوقنا التي لن نتنازل عنها مهما حدث.
وعلى الرغم من كل شيء فإنني أثق تماما بأن الكويت دولة عدل لن تظلم أبناءها، وان يوم نيل الحقوق قادم لا محالة، فرفقا بالمتقاعدين ورفقا بحالهم.