بيروت - عمر حبنجر
انشغلت القوى السياسية في بيروت بالطرح الجديد لرئيس مجلس النواب نبيه بري، والذي عرض فيه حوارا لسبعة أيام بين رؤساء الكتل النيابية في مجلس النواب مقابل جلسات متتالية ومتلاحقة لانتخاب رئيس الجمهورية في سبتمبر، عملا بالوعد الذي قطعه مؤخرا.
وتوالت ردود الأفعال وأبرزها رد «القوات اللبنانية» بلسان نائب رئيسها النائب غسان حاصباني الذي تساءل عن الحاجة إلى الحوار، وما هي أهدافه؟ في حين رفضت مصادر «قواتية» لصحيفة «الجمهورية» طرح بري الحواري، واصفه إياه بـ «الابتزازي»، وقالت إن المطلوب من رئيس المجلس تطبيق الدستور، وليس مقايضة الحوار بجلسات انتخابية رئاسية مفتوحة.
النائب ستريدا جعجع دعت رئيس المجلس الى السهر على تطبيق الدستور، وقالت في اجتماع لمؤسسة «جبل الأرز» إن الرئيس بري مصر على ألا يدعو إلى جلسة انتخاب رئاسية قيل التوافق المسبق على اسم الرئيس «وهذه مخالفة دستورية كبيرة».
بدوره «لقاء الجمهورية» برئاسة الرئيس السابق ميشال سليمان دعا الى استئناف الحوار من حيث توقف بعد التعهد بتنفيذ «إعلان بعبدا» الذي صدر في عهد سليمان، وقيل له من جانب مسؤول في «حزب الله»: «بله واشرب ميته».
وأضاف اللقاء أن: إنقاذ لبنان يتطلب حوارا هادئا يقوده رئيس الجمهورية العتيد، والمفترض أن يتم انتخابه في أقرب وقت ممكن بالتصويت تحت قبة البرلمان، والمباشرة فورا باتخاذ قرار بتحييد لبنان وضبط الحدود بينه وسورية تحت إشراف الجيش.
بالمقابل، رحب «التيار الوطني الحر» برئاسة النائب جبران باسيل بطرح الرئيس بري، وقال في عشاء للتيار في قضاء الكورة: «إذا كان هيك إن شاء الله بيكون عندنا رئيس في شهر سبتمبر»، وأضاف: «كان شرطنا للمشاركة في الحوار أن يفضي إلى التوافق أو التنافس الديموقراطي».
النائب وائل أبو فاعور، عضو اللقاء الديموقراطي، أعلن عبر موقع «الأنباء» الاشتراكي، أنه «لا خيار لدينا إلا الحوار»، وأضاف موضحا: «الحوار مع طرف لا يعني القطيعة مع الطرف الآخر».
الانشغالات اللبنانية شملت زيارة وزير خارجية إيران حسين أمير عبداللهيان الذي استقبله رئيس مجلس النواب نبيه بري الجمعة، بعدما كان اعتذر عن لقائه الخميس لانشغاله بالتحضير لمناسبة ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر الذي غاب عنها عبداللهيان، الذي سبق أن ربطت زيارته بيروت بالمشاركة فيها!
وكان الوزير الإيراني التقى وفدا من الفصائل الفلسطينية يتقدمه ممثلا «حماس» و«الجهاد الإسلامي» في لبنان، وقد أكدت الفصائل تمسكها بالمقاومة الداخلية، وشددت «حماس» و«الجهاد الإسلامي» على عدم التراجع عن العمليات في الضفة الغربية كأولوية في هذه المرحلة.
بدوره، جدد عبداللهيان تمسك طهران بإستراتيجية دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته وقضية تحرير الأرض، وان ايران لن تتراجع عن خياراتها الفلسطينية.
والراهن أن زيارة عبداللهيان الى بيروت أعطت انطباعا ثابتا على أهمية لبنان بالنسبة لإيران، لاسيما وسط الضغوط التي تتعرض لها من الجانب الأميركي، ثم الفرنسي.
في هذا الوقت شوهد جنود دوليون من قوات «اليونيفيل» يتسوقون بلباسهم العسكري ودون سلاح بين متاجر مدينة صور وجوارها امس، بعد تجديد مهماتهم من جانب مجلس الأمن الدولي مساء الخميس لمدة سنة قابلة للتمديد.
ويشير اقتصاديون جنوبيون، إلى أن هذه القوات تؤمن إدخال ما يزيد على 700 مليون دولار للجنوب سنويا، وكان مجلس الأمن الدولي قرر التمديد لليونيفيل بإجماع 13 عضوا وامتناع عضوين: هما روسيا والصين عن التصويت، وفق صيغة أعدها مندوب فرنسا، وأدخلت عليها تعديلات أميركية - بريطانية - إماراتية تسمح لهذه القوات بحرية الحركة، لكن بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية، كما أجيز لها القيام بدوريات معلنة وغير معلنة، مع التأكيد على وجوب نشر الجيش بشكل فعال ودائم في جنوب لبنان، وحث الإسرائيليين على الانسحاب من شمال بلدة الغجر والمناطق المجاورة شمالي الخط الأزرق، مقابل استبدال عبارة «الاحتلال الإسرائيلي» في القرار بعبارة «الوجود الإسرائيلي»، وذلك بطلب من مندوبة الولايات المتحدة.
المكسب الوحيد للبنان في هذا القرار هو فرض التنسيق مع الحكومة، مقابل إطلاق حرية الحركة لليونيفيل، وهذا ما اعتبرته «المعارضة» فشلا لأن القرار يتبنى في ذات الوقت بنودا قديمة تحاكي الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يعطي اليونيفيل حق استخدام القوة.
وزير الخارجية عبدالله بو حبيب حمل مندوبة لبنان السابقة لدى الأمم المتحدة السفيرة آمال مدللة مسؤولية القرار 2650 الذي جدد لليونيفيل عام 2022، في زمن مسؤوليتها، وفيه نص على حرية حركة اليونيفيل دون إذن مسبق من الحكومة، وهو ما يحاكي الفصل السابع من الميثاق، وقال بو حبيب ان مدللة صرفت من عملها لهذا السبب، لكن السفيرة مدللة نفت ذلك، وقال في بيان، إن كلام الوزير غير صحيح وانها أجرت أكثر من اتصال مع وزير الخارجية بو حبيب في حينه، مستوضحة ما عليها عمله حيال هذا البند، وأنها بانتظار تعليماته، وكان في كل مرة يقول انه بانتظار التعليمات أيضا.. وقد وصلتنا هذه التعليمات يوم 29 أغسطس، بينما التصويت في الثلاثين منه، وشرعت بالتواصل مع المندوبين وكان جوابهم: لقد تأخرتم.
في هذه الأثناء، غادر الموفد الأميركي آموس هوكشتاين بيروت مساء الخميس، ووصفت زيارته «بحمالة الأوجه» بين سياحية وسياسية ونفطية، فضلا عن ترسيم الحدود البرية بعد البحرية.
وكان اللافت في جولة هوكشتاين السياحية زيارته مدينة بعلبك معقل جمهور «حزب الله» والتقاط الصور مع السفيرة الأميركية بين أعمدتها الأثرية.