لطالما تطرقنا في العديد من مقالاتنا السابقة لقضية لها أهمية كبيرة على صعيد التكاليف الكبيرة التي تتكبدها الدولة، تلك هي قضية العلاج بالخارج والتي كثيرا ما تحدث عنها متخصصون ومهتمون بغية تحقيق المصالح الشعبية مع الحفاظ على موارد البلد. وفي هذا الإطار، فإن هناك العديد من خيارات الحلول التي يمكن الاستفادة منها حتى نتمكن من تحقيق أهدافنا في هذا الشأن حفاظا على صحة المواطنين، وفي الوقت نفسه تقليل النفقات عبر توجيهها إلى مصارف أقل تكلفة.
ولعل أقرب تلك المقترحات أو الحلول هو جلب العلاج الخارجي إلى الداخل، بمعنى إنشاء مستشفيات خاصة لهذا الغرض، حيث تتم معالجة الحالات المستعصية التي يتم إيفادها للخارج للعلاج. وهي التي لا يتوافر فيها العلاج بالداخل. وبطبيعة الحال فإنه في هذه الحالة يتطلب جلب المستشارين الأكفاء والذين يتم العلاج على يديهم مباشرة في الخارج وجلبهم للداخل مهما كانت الخيارات والمتطلبات المادية لأولئك المستشارين، ففي جميع الأحوال ستكون تكلفة جلبهم أقل من تكاليف سفر مواطنينا إلى الخارج من أجل تلقي العلاج على أيديهم، مثلما هو الوضع الحالي.
ففي تقديرنا إذا ما انتهجنا هذا المنهج فإننا في هذه الحالة على المدى البعيد سنتمكن من توفير جزء مهم وكبير جدا في التكاليف والمصاريف التي تتكبدها الدولة، والتي وإن كان الهدف منها هو تحقيق مصالح المواطنين، إلا اننا من الممكن تحقيق هذه المصالح مع تقليل الإنفاق وهو ما يتواءم مع سياسة الترشيد لتقليل النفقات ووقف غير الضروري منها. ولعل ذلك هو ما يصبو إليه الجميع.
نعود إلى اقتراحنا، حيث يضاف إلى جلب الأطباء المهرة من الخارج، بطبيعة الحال، أيضا جلب الأجهزة الحديثة والمتطورة والمعدات والأدوات اللازمة التي لا تتوافر في البلاد والاستعانة بالأخصائيين المشغلين لتلك الأجهزة. وفي المقابل، فإنه وفي حالة تطبيق هذا المقترح فسوف نكون سباقين في المنطقة والعالم أيضا إذا ما كتب لتلك التجربة والمقترح النجاح بإذن الله.
وبالتالي، نخطو خطوات مهمة على صعيد العلاج والمنظومة الصحية في البلاد والتي يمكن تطويرها والاستفادة منها في العلاج في باقي منشآت الدولة الصحية في البلاد. ولن نكون مبالغين في طرحنا هذا إذا ما قلنا قد نصل في مرحلة مستقبلية أن يأتي مواطنون من الدول الأخرى لتلقي العلاج المتخصص جدا والمتطور مع نجاح المنظومة الطبية، وقد يمثل ذلك مصدرا إضافيا للدخل، ولم لا ونحن نعمل على تنويع مصادر الدخل حتى لا نقتصر على النفط فقط كمصدر وحيد لدخل الدولة.
قد يبدو ذلك حلما لدى البعض ولكن لم لا نعمل على تحقيق هذا الحلم بعد أن تتم دراسته من قبل الدولة بشكل متأن وجاد يوفر معه الكثير من الانفاق الحكومي والرفق بمقدرات الدولة. والأهم من ذلك كله هو الاستفادة غير العادية لأبنائنا والأجيال القادمة وخصوصا تلك التي تتغرب خارج البلاد لتلقي علومها الطبية والتي يمكن أن تستفيد منها هنا في حال تطوير المقترح موضوع مقالنا هذا. فهل نشهد تغييرا في توجه الدولة بهذا السياق؟. والله الموفق.
[email protected]