إن من تكامل الحياة تباين حاجات الناس وتفاوت حالاتهم. التباين الذي يحقق المصالح وتستمر به عجلة الحياة ويتفاعل الناس وينتفعون. تلك سنة الله في خلقه، ولله في خلقه شؤون.
وعلى مر التاريخ تعددت الأعمال والصنائع والمهن والفنون، وارتحل الناس لطلب الرزق وتعارفت الشعوب والقبائل.
نحن في بلد تكثر فيه الأيدي العاملة من مختلف الجنسيات، بل إن تعدادها يفوق تعدادنا بنسبة شاسعة، وأينما يغلب هذا العدد فهو يجر معه تغيرات في التركيبة السكانية، والأعراف السائدة، ويعيد تشكيل الثقافة.
إني لأحب امتزاج البشر وتعايشهم واكتسابهم من بعضهم البعض على مختلف الأصعدة. وإني لأتفهم وجود أعداد من الفئات العاملة لأحكام متعلقة بمجتمعنا ونمط حياتنا، ولكن الأمر بات معقدا وخرج من دائرة تباين المطالب وتنوع الحاجات والمنافع، لقد خرج من الحاجة إلى الترف! من الاضطرار إلى الاستهتار! واستجد عند الناس هوس حول النظافة والضيافة! وتحول مطلبهم إلى من «ينوب عنهم» في أداء مهمة شخصية بسيطة كإعداد كوب من الشاي أو غسل آنية! وأطلقوا على أنفسهم صفة العجز!
العمالة المنزلية لا يكاد يخلو أي مسكن منها، مهما كان عدد أفراده أو مدى حاجتهم. للعمالة المنزلية دور مهم، فائدة متبادلة بين العامل الذي يحتاج المادة، وصاحب العمل الذي يحتاج من «يعينه» في «استكمال» جزء من متطلبات الحياة المركبة، المزدحمة، السريعة، وهكذا يكون التسخير. وتأتي القوانين والنظم -العمالية- لتنظم هذه العملية التبادلية، ولدينا قبلها قيم إنسانية، والأعظم توجيهات نبوية في التعامل مع من يعمل تحت يدك.
الأعداد المتنامية للعمالة في المنزل الواحد تنذر بوجود خلل في مصطلح الحاجة! والنزوع إلى الكسل! بل إلى التفريط في الواجبات، والتهاون في أداء الأمانات، ثم إلى المظاهر الاجتماعية المبهرجة!
إن الاعتماد على النفس والإحساس بالمسؤولية نضج لذات الإنسان، وارتقاء لإدراكه، وفي فهم الحاجات وترتيب الأولويات إدارة ناجحة للنفس وللعلاقات.
وبينما يتوجب تربية الصغار على هذه القيم، نجد من يترك تربيتهم بيد العمالة!
ليتنا نصارح أنفسنا حول ما يحدث في بيوتنا، ونستوعب أن الحياة بطبيعتها معقدة.. فلا نعقدها أكثر!
[email protected]