يرجح علماء النفس أن الصراعات والتوترات النفسية من أهم المحاور الرئيسية للسلوك المنحرف سواء كان عن طريق العدوان المباشر أو غير المباشر. وبلا شك أن الانحراف السلوكي الذي يمارسه الحدث قد يكون لغياب الرقابة الأسرية، وإذا ما أتيحت له متغيرات تساعد على انحرافه فتكون الاستجابة والتلبية سهلة وسريعة.
والسلوك الانحرافي غالبا ما يكون مكتسبا سواء عن طريق ضغوط اجتماعية أو نفسية، وكلما كان الإنسان واقعا تحت طائلة الوحدة والقلق والتوتر والضيق أدت إلى إحباطه. ومما لا شك فيه أن العلاقة الأسرية هي التي تشكل حياة الفرد سواء عن طريق تربيته التربية السليمة المتزنة أو تكون سببا لتعرضه للسقوط بين براثن السلوك النفسي الإحباطي الذي يعمل على اهتزاز الشخصية مما يسهل انحرافها.
فالقسوة الشديدة تولد نوعا من السلوك المضطرب الذي يشكو منه الأحداث وخاصة من معاملة الوالدين السيئة فالتدليل الشديد أو العقاب القاسي كلها أمور خطيرة مؤثرة على الأبناء قد ينجم عن ذلك انفجار ما لذاتيتهم فيسهل على ذلك التفكك الفكري والاجتماعي الذي يولد انشطارات وانعكاسات نفسية خطيرة، إضافة إلى أن هناك أيضا أسبابا عديدة، منها والأهم غياب الوازع الديني من داخل الأسرة، فهناك أسر لا تمارس الصلاة - أو تؤديها بصورة غير منتظمة، وكذلك بالنسبة للصوم.
فالوازع الديني داخل الأسرة ضرورة حتمية لأنه يعصم من الخطأ ويحافظ على شخصية وذاتية الأبناء، فالصلاة والصيام يشكلان عاملا أساسيا في التركيبة الداخلية لسلوك الأفراد والجماعات فكلما تدرب الناشئ على الإيمان ومخافة الله سبحانه وتعالى استطاع أن يتحصن بقوة طبيعية تساعده على تكامل بناء الشخصية التي تنمو نموا متزنا مع أحاسيسه المرهفة وتخترق وجدانه فتعطيه دفعة لمواصلة طريق الصواب.
فبـــلا شك أن الحدث الذي يشـــعر بأنه يعيش ويتعايش مع منـــاخ نقي وصحي فلا بد أنه يشارك في ذلك بكل أحاسيسه فيشعر بأنه مهيأ لأن يكــون عضوا إيجابيا فاعلا في المجتمع، لذلك يجب على الأسرة التي يقـــع عليها ضرورة التقويم الديني ان تتبع منهجا قويا ينبع من داخلها وتتحمل كامل المسئولية، ولا بد أن يكون هذا المنهج يتماشى مع القيم والعادات الإسلامية الأصيلة لينمو بعدها الأبناء ويشبوا على السلوك الجيد الذي وبلا شك يكون حماية لهم من الانحرافات والآفات الاجتماعية الخطيرة والمفزعة، والتي كثيرا يقع في مستنقعها العديد من الشباب من دون أن يشعروا بذلك.