يشكل هم التدفئة أبرز هموم رب العائلة السورية على أبواب فصل الشتاء، في ظل توقعات أنه سيكون باردا جدا، خاصة في القرى الجبلية التي لا يمكن للمدافئ ان تواجه بردها القارس، لاسيما إذا كان في العائلة أطفال صغار لا يقوون على تحمل البرد.
ورغم ان وسائل التدفئة كثيرة، لكن اغلبها أصبحت عصية عن أصحاب الدخل المحدود الذين باتوا يشكلون الشريحة الأكبر من السوريين.
ولن تكفي حصة الـ 50 ليترا المخصصة لكل عائلة عبر البطاقة الذكية لمواجهة برد الشتاء لأكثر من 5 أيام، وفي أحسن الحول أسبوعا، هذا إذا حالفهم الحظ ونجحوا في الحصول عليها.
«المازوت بالقطارة، وكذلك الغاز، فالحصول على أسطوانة غاز كل شهرين وأكثر لا تكفي حاجات الطبخ والتسخين، فكيف إذا استخدمت للتدفئة»، هذا ما يقوله مواطنون بحسب تقرير لموقع «أثر»، وأضافوا أن شراء الغاز من السوق السوداء بات ترفا لا يقوى الكثيرون عليه، فارتفاع سعر الأسطوانة حاليا إلى 120000 ليرة سورية، جعل التفكير فيها لأغراض التدفئة ضربا من المستحيل.
وأشار الأهالي في محافظة طرطوس إلى أن الكهرباء التي تصل ساعة وفي أفضل الأحوال ساعة ونصف الساعة مقابل خمس أو ست ساعات، لا يمكن لها أن تكون خيارا للتدفئة، فعدا عن أنها تشكل عبئا ماليا كبيرا في الفاتورة، فإنها ستشهد انقطاعات متكررة خلال الشتاء بسبب زيادة الأحمال، ناهيك عن أن مدفأة الكهرباء لا تمنح الدفء المطلوب كمدفأة المازوت.
«أفضل خيار للتدفئة هو الحطب»، بهذه الجملة يبادر أبوبشار ليحسم مسألة التدفئة، ويدلل أن الحطب متوافر طيلة العام، ويحصل عليه الزبون مقطع جاهز حسب النوع الذي يرغب بشرائه، وبالكمية التي تناسبه من دون توزيع بالقطارة، مضيفا: لكن كما هو حال جميع المواد التي ارتفعت أسعارها، شهدت أسعار الحطب ارتفاعا كبيرا، وأصبحت مونة الحطب للشتاء تحتاج ميزانية خاصة.
ويشرح أبوبشار أنه لايزال محتفظا بنصف طن حطب منذ الشتاء الماضي، وقد قام خلال الصيف بشراء طن واحد من حطب السرو بسعر مليون ليرة مع تاجر الحطب لوجود صلة قرابة بينهما، وتابع: الأكيد أن هذه الكمية (طن ونصف الطن من الحطب) لن تكفي سوى لشهرين في حال اتباع التقنين في تشغيل المدفأة، لكن سأستعين بالأشجار اليابسة في بستاني وما تيسر لي من أشجار قريبة، ويمكن أيضا وضع الملابس القديمة والبلاستيك في مدفأة الحطب وهي تمنح الدفء أيضا.
من جهتها، تقول أم توفيق: الحالة تعبانة على الآخر والراتب الشهري لي ولزوجي بالكاد يكفي للطعام والشراب والحاجات الضرورية جدا، لذلك فإن التفكير في تأمين وسيلة تدفئة باتت رفاهية عصية على السوريين في ظل الغلاء المعيشي، وتضيف: إذا وزعوا لنا المازوت سأقنن جدا بالكمية وسأختصر ساعات تشغيل المدفأة للمساء فقط وفي ظل البرد القارس، وإذا زارنا الضيوف، وفي بقية الأوقات يمكن أن نتدبر أمرنا بالبطانيات.
نديم اتفق مع أم توفيق، فقال: العام الماضي أمضينا الشتاء أنا وزوجتي وابنتي من دون مدفأة، حيث كنا نرتدي الملابس الثقيلة ونضع علينا البطانيات، وقد انقضى الشتاء من دون أن نضطر إلى استدانة المال، كما فعل كثيرون.