تشهد الأسواق السورية منذ عدة أشهر فقدانا شبه تام للعديد من أنواع حليب الأطفال، عززه قرار رسمي من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك برفع سعره، إذ وصل سعر العبوة بوزن 400 غرام إلى 100 ألف ليرة سورية، اي ما يقارب نصف راتب الموظف، بعدما كانت تسعيرتها 60 ألف ليرة سورية، ما خلق حالة من التقنين باستخدامه لدى العائلات عبر اللجوء إلى بدائل أرخص سعرا.
وتعتبر مستودعات الأدوية المورد الرئيس الذي يمد الصيدليات بجميع أنواع حليب الأطفال، وتتحكم بالكميات المرسلة لكل صيدلية مع أسعار تتفاوت من مستودع إلى آخر.
وتشهد الصيدليات في مناطق سيطرة حكومة دمشق ومناطق شمال شرقي سورية انقطاعا وفقدانا في بعض أصناف حليب الأطفال بسبب عمليات الاحتكار من قبل بعض التجار والتلاعب بأسعارها، ما يشكل عائقا لكثير من الأهالي، ولاسيما أصحاب الدخل المحدود.
ونقل موقع «عنب بلدي» عن شاب يعمل في إحدى الصيدليات بمدينة القامشلي أن التجار وبعض أصحاب المستودعات يحتكرون مادة حليب الأطفال ويقومون ببيعها بأسعار مرتفعة لـ المولات»، وتتفاوت أسعارها بين صيدلية وأخرى ومستودع وآخر.
ويؤكد أغلبية العاملين في صيدليات القامشلي أن أزمة الحليب موجودة منذ أشهر وربما تمتد لنهاية عام 2023، وفاقمها الاحتكار. وأرجع العاملون الاحتكار إلى ارتفاع تكاليف عملية النقل من العاصمة دمشق إلى مناطق شمال شرقي سورية وتوزيعها بين المدن.
وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، أصدرت في نهاية 30 أكتوبر الماضي، قرارا برفع سعر مادة حليب الأطفال الصناعي من احدى الماركات الشهيرة، بحيث تباع العلبة بوزن 400 غرام من نوع «نان 1» للمستهلك بسعر 100 ألف ليرة سورية، و91 ألفا و740 ليرة سورية للصيدلاني، و89 ألفا و68 ليرة سورية للموزع.
ويقول صاحب مستودع أدوية في القامشلي التي تسيطر عليها قوات سوريا الديموقراطية «قسد» التي يهيمن عليها الأكراد لذات الموقع، إن آخر دفعة وصلته من حليب الأطفال «نان 1» من مناطق سيطرة الحكومة كان سعر الطرد فيها 170 دولارا أميركيا قبل الرفع الأخير لتسعيرته، ويحتوي على 24 علبة بسعة 400 غرام.
وأضاف صاحب المستودع أن الأهالي يفضلون أنواعا أخرى تستورد من تركيا عن طريق المعابر في مدينة منبج، وتكون أكثر توفرا وأرخص سعرا إذ تباع بـ 70 ألف ليرة سورية بوزن 400 غرام.
وتقول سيدة وهي ام لرضيع يبلغ 3 أشهر إن ظروفها المعيشية تجبر زوجها على التجول لساعات طويلة بين صيدليات المدينة للبحث عن علبة حليب بأسعار معقولة. وأكدت لـ «عنب بلدي»، أن طفلها بحاجة لحوالي خمس علب من الحليب شهريا، ما يزيد من معاناة العائلة بدفع تكاليف باهظة على الحليب فقط وصلت إلى 800 ألف ليرة سورية.
وينقل الموقع عن صيدلانية في حي المطار بمدينة درعا، إن مشكلة انقطاع مادة حليب الأطفال بجميع أصنافه تحصل بشكل مستمر، وتعود إلى إيقاف إرساله من دمشق، بالإضافة إلى أن هذا النوع يشهد ارتفاعا بسعر مبيعه باستمرار، إذ وصل سعر العلبة منها بوزن 400 غرام إلى 100 ألف ليرة سورية.
ولا يعتبر الوضع أفضل حالا في دمشق، إذ تعاني العائلات نقصا حادا وارتفاعا بسعر حليب الأطفال ووصل سعر العلبة بوزن 400 غرام لأكثر من 110 آلاف ليرة سورية، ما يجبر الأهالي على استخدام أنواع أخرى من حليب الأطفال، بحسب ما قالته سيدة تقيم في بلدة ببيلا بغوطة دمشق الغربية.
تعتمد كثير من العائلات في مناطق سيطرة النظام ومناطق شمال شرقي سوريا طريقة البحث في أكثر من صيدلية للحصول على علبة حليب لأطفالهم بأسعار توافق ظروفهم المعيشية، بينما يلجأ آخرون لإطعام أطفالهم حليب البقر أو حليب الماعز لتخفيف التكلفة المالية عليهم.
ارتفاع أسعار حليب الأطفال وقلة توفره يخلقان أزمة لدى العائلات وقلقا مستمرا يؤدي إلى لجوء بعضهم لبدائل قد لا تكون صحية لإطعام أطفالهم، كحليب الماعز ذي الكثافة الخفيفة كبديل عن الحليب الصناعي، بينما يعتمد آخرون حليب الأبقار بعد أن يتجاوز عمر الطفل ستة أشهر.
وتقول سيدة أخرى من القامشلي انها تستعمل وصفة تقليدية عبر سلق الأرز وتصفيته وإضافة الماء الناتج عن ذلك إلى حليب طفلها لتكفي الكمية المستعملة من الحليب أطول فترة ممكنة.