نعرف جميعا ما نحن بصدد مشاهدته عندما نجلس لمتابعة فيلم «Hunger Games» الذي تم اقتباسه من ثلاثية روايات سوزان كولينز الموجهة للشباب، وهي مليئة بالتعليقات المجازية حول الطبقات الاجتماعية والسياسة والحرب والدعاية والعنف المتأصل في قطاع الترفيه، الذي يجبر الأطفال على الاقتتال حتى الموت في ساحات خطرة تبث على الهواء مباشرة، وهو انعكاس لبرامج تلفزيون الواقع وعروض الألعاب التي يمكن أن يعني فيها كسب تأييد جمهور يرغب في امتلاك مهارات البقاء على قيد الحياة.
يعود بنا المخرج فرانسيس لورانس إلى السلسلة في أحدث أفلامها «The Hunger Games: The Ballad Of Songbirds And Snakes»، المقتبس أيضا عن كتاب كولينز الذي صدر عام 2020، وهو عبارة عن قصة ذات أحداث تحتوي على جميع المكونات القوية لأجزاء «ألعاب الجوع» السابقة وأكثر، مما يجعلنا نحصل على عمل ممتع لكن سطحي قليلا يحتاج إلى الوقت لجعل قصته المعقدة مقنعة حقا.
نحصل في بداية الفيلم على مقدمة قصيرة تدور أحداثها في الأيام المظلمة مباشرة بعد حرب المقاطعات مع الكابيتول، حيث تحولت المدينة الضخمة إلى أنقاض، ثم ننتقل سريعا إلى الوقت الحاضر، عشية دورة «ألعاب الجوع» السنوية العاشرة، وهو عقاب جماعي يسلط الضوء بشكل لا لبس فيه إلى سيطرة الكابيتول المطلقة على المقاطعات، يقترب كوريولانوس (توم بليث) ذو البشرة البيضاء الشاحبة من التخرج من مدرسته الثانوية والالتحاق بجامعة مرموقة، ولكن ليس قبل أن يطلب من فصله المشاركة في تكريم الأطفال البائسين في «ألعاب الجوع» في أول برنامج إرشادي لهذا الحدث، وسيحصل مرشد الفائز هذا العام على جائزة مالية ستسمح لـ «كوريولانوس» بإخراج جدته ونسيبته (هانتر شيفر)، التي لم يتم استغلالها بشكل كاف في الفيلم، من الفقر ومن شقتهما التي كانت كبيرة في السابق لكن أصبحت الآن متهالكة.
يعد هذا التفويض من جانب زملاء «كوريولانوس» أحد التغييرات العديدة التي طرأت على ألعاب هذا العام، فقد انخفضت نسبة المشاهدة، وهذا يعني ضمنيا أن مواطني الكابيتول لم يعودوا يجدون الكثير من المتعة في مشاهدة الأطفال وهم يقتتلون فيما بينهم بعنف.
يتم إخبار المرشدين أنه يجب عليهم إيجاد طرق لتحويل الألعاب إلى شيء من المثير مشاهدته.
تبدو المتدربة لوسي غراي بيرد (ريتشل زيغلر)- وهي مغنية متنقلة من المقاطعة 12، ميؤوسا منها في البداية حتى تثبت موهبتها في حب الظهور أنها قادرة على ترك انطباع دائم على المشاهدين في المنزل، وبالجمع بين ذلك وبين نزعة «كوريولانوس» الخفية في خدمة الذات وقدرته على تملق أشخاص أقوياء حقيقيين مثل الساحر ورجل الطقس والمضيف لوكريتيوس «لاكي» فليكرمان (جيسون شوارتزمان) والعالمة المجنونة ومصممة الألعاب د.فولومنيا غول (فيولا ديفيس) بدور الشريرة، فإن الاحتمالات تميل لصالحهما.
هناك عقبات بالطبع، حيث إن صديق «كوريولانوس» بالمدرسة سيغانوس بلينث (جوش أندريس ريفيرا) ولد في المقاطعة لكنه ينعم بأب ثري ذي علاقات جيدة كان قادرا على دفع المال لتعليم ابنه في الكابيتول، وبالتالي فهو يتعاطف مع المواطنين المحاصرين في المقاطعات ومع المتمردين الذين مازالوا طلقاء في منطقة الكابيتول، ويتعين على «كوريولانوس» أن يبقيه تحت المراقبة باستمرار، وبالطبع يبدأ «كوريولانوس» و«لوسي غراي» في الوقوع بحب بعضهما البعض، ما يجعل من الضروري بالنسبة له أن يفعل أي شيء لإبقائها على قيد الحياة.
يطرح الفيلم ويجيب في الغالب عن الكثير من الأسئلة المثيرة للاهتمام، من أنشأ ألعاب الجوع؟ لماذا هي موجودة حقا؟ كيف تحول كوريولانوس سنو (وهو الرئيس الشرير الذي لعب دوره دونالد ساذرلاند في الأفلام السابقة) الى شخص سيئ للغاية؟ لكن كثافة الحبكة التي تدور أحداثها على مدار ساعة كاملة من ألعاب الجوع، بالإضافة إلى ما تلاها، جعلتنا نتمنى أن يكون الفيلم أطول من ثلاث ساعات، حيث لا يحصل «The Ballad Of Songbirds And Snakes» على ما يكفي من الوقت لتصوير التفاعل بين العواطف والتلاعبات التي تشكل علاقة «كوريولانوس» و«لوسي غراي».
في المشهد الافتتاحي لشخصية «لوسي» نراها تقدم بتحد أغنية شعبية محلية على شاشة التلفاز المباشر، وتدس ثعبانا في الجزء الخلفي من ثوب أحد الأعداء، ربما كانت تدرك بالفعل أنه من أجل الفوز بالألعاب عليك تقديم استعراض، ويظهر «كوريولانوس» باستمرار وهو يتنحى جانبا أو يشارك بنشاط في سقوط أولئك الذين يعتبرهم أصدقاء، ومع ذلك لا يطرح الفيلم أبدا مسألة من يستغل من حتى النهاية عندما تكون النتيجة حتمية!