كثفت إسرائيل عدوانها على قطاع غزة، وشن جيشها غارات جوية عنيفة وقصفا مدفعيا مكثفا، ترافق بمواجهات ميدانية مع مقاتلي فصائل المقاومة الفلسطينية في جنوب القطاع الذي نزح إليه مئات الآلاف من الفلسطينيين، في وقت حذرت الامم المتحدة من انهيار انساني شامل.
في هذه الأثناء، أشادت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالحراك العالمي الداعي للإضراب الشامل اليوم، الذي أطلقه نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي، للتضامن مع أهالي قطاع غزة في وجه آلة الحرب الإسرائيلية، ودعت «كل الأحرار في العالم إلى المشاركة فيه».
وقال النشطاء إنهم أطلقوا حملة من أجل الضغط باتجاه الإضراب على مستوى العالم، بهدف الضغط على الحكومات وإجبارها على التحرك بشكل جاد لوقف الحرب الإسرائيلية وجرائم الإبادة المتواصلة منذ أكثر من شهرين.
ميدانيا، أعلن الجيش الاسرائيلي أنه «كثف» عملياته في جنوب القطاع، وقال رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي «يجب أن نزيد الضغط».
وأكد الجيش أن قواته خاضت أمس معارك «قاسية وشرسة» مع المقاومة الفلسطينية في حي الشجاعية بمدينة غزة وجباليا شمال شرقي المدينة، وهو ما أكدته مصادر مقربة من حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» بأنهما تخوضان «اشتباكات عنيفة» حول خان يونس.
وأفادت تقارير إعلامية بسقوط عشرات القتلى والجرحى في القصف والغارات الاسرائيلية.
وشقت الدبابات الإسرائيلية طريقها إلى وسط خان يونس في توغل جديد كبير في قلب أكبر مدن جنوب قطاع غزة.
وقال سكان إن الدبابات وصلت إلى الطريق الرئيسي الذي يربط بين شمال القطاع وجنوبه عبر وسط مدينة خان يونس بعد قتال عنيف أدى إلى إبطاء التقدم الإسرائيلي من الشرق، وقصفت الطائرات الحربية المنطقة الواقعة غربي الهجوم.
وامتلأت الأجواء بدوي الانفجارات المستمر وتصاعدت أعمدة كثيفة من الدخان الأبيض فوق المدينة التي تؤوي مئات الآلاف من المدنيين الذين فروا من مناطق أخرى من القطاع.
وقال أب لأربعة أطفال نزح من مدينة غزة ولجأ إلى خان يونس لـ «رويترز» أمس «كانت ليلة من أشد الليالي اللي خفنا فيها، المقاومة كانت قوية جدا، كنا نسمع صوت اشتباكات وانفجارات لم تتوقف لساعات».
وأضاف «الدبابات وصلت شارع جمال عبدالناصر وسط البلد، والقناصة اعتلوا بعض العمارات القريبة من المنطقة».
خسائر كبيرة
وأقر الجيش الإسرائيلي بحصيلة كبيرة لخسائره البشرية خلال الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ أكثر من 65 يوما، وقال إن 426 جنديا وضابطا قتلوا، بالإضافة إلى إصابة 1593 آخرين بينهم 255 حالة حرجة. وأوضح أن من بين القتلى العسكريين 102 قتلوا منذ بدء العملية البرية، في حين قتل 29 جنديا على الأقل منذ انتهاء الهدنة المؤقتة مطلع الشهر الجاري.
وهذا ما أكده أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب «القسام» الجناح العسكري لـ «حماس»، في تسجيل صوتي قال فيه: قتلنا عددا كبيرا من الجنود الإسرائيليين بشكل محقق ومجاهدونا تمكنوا من التدمير الكلي أو الجزئي لـ 180 آلية خلال 10 أيام.
واعتبر أن الهدنة المؤقتة أثبتت مصداقيتنا وأن أحدا من أسرى العدو لم ولن يخرج إلا بشروطنا، وذلك ردا على إصرار اسرائيل على ان احد اهداف حربها هو تحرير الاسرى.
وأكد ان «العدو فشل في محاور القتال وسيفشل كلما استمر عدوانه وكلما تعقدت خيبته، ومجاهدونا تصدوا لقوات العدو المتمركزة بمحاور ما قبل انتهاء الهدنة أو المتوغلة بمحاور جديدة».
وفي وقت سابق، أعلنت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لـ «حماس» وسرايا القدس الجناح العسكري للجهاد الإسلامي، عن استهداف تجمعات لجنود الاحتلال وآليات عسكرية تابعة لهم في عدة جبهات بقطاع غزة وتحقيق إصابات مباشرة فيها.
وقالت كتائب القسام إن عناصرها أجهزوا على 10 جنود إسرائيليين من مسافة صفر في منطقة الفالوجا شمالي قطاع غزة. وأضافت القسام أنها استهدفت آليتين إسرائيليتين في جباليا شمالي قطاع غزة بقذائف الياسين 105.
انهيار إنساني
إلى ذلك، حذر المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني، من انهيار الوكالة في قطاع غزة.
وقال لازاريني على حساب الوكالة بموقع «إكس» إن «الأونروا» على وشك الانهيار في غزة، وهو ما يهدد بانهيار إنساني كامل في القطاع بفعل تقييد ونقص الإمدادات الإنسانية للسكان.
وأضاف «يتم استخدام الغذاء والماء والوقود بشكل منهجي كأسلحة حرب في غزة، وان مهاجمة المنظمات الإنسانية ومحاولة تشويه سمعتها، وسيلة أخرى لشن الحرب وتقويض الاستجابة الإنسانية، مما يزيد من إضعاف حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية».
واتهم لازاريني إسرائيل بتمهيد الطريق لطرد سكان قطاع غزة جماعيا إلى مصر عبر الحدود.
وأشار في مقال رأي نشرته صحيفة «لوس أنجيليس تايمز» إلى الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة واحتشاد المدنيين النازحين الذين فروا من القتال بشكل متزايد قرب الحدود في الشمال ثم الجنوب.
ورأى المفوض العام للوكالة الأممية أن الدمار واسع النطاق في شمال قطاع غزة وما نتج عنه من عمليات نزوح هي «مرحلة أولى من هذا السيناريو»، مشيرا إلى أن المرحلة التالية تتمثل في إجبار المدنيين على مغادرة مدينة خان يونس جنوبا بالقرب من الحدود.