تتهم السلطة في سورية ما يسمى بـ «صورة الحرب» بتنفير المستثمرين وهروب رؤوس الاموال أو حتى خوف المستثمرين من اقامة مشاريع في سورية، والتي تعتبرها «العقبة الأكبر» في وجه تحسن الوضع الاقتصادي، وبسببها فقد فشلت الحكومات السورية المتعاقبة بإغراء المستثمرين وأصحاب الأموال للاستثمار بالبلد.
وفي تقرير لموقع «عنب بلدي» نقل عن المحاضر في العلوم المالية والمصرفية منهل العثمان تعريقه للاستثمار على أنه «توظيف مجموعة مادية، سواء كانت أموال أو أشخاص أو معدات، وقد يكون الاستثمار داخليا، أي من مستثمرين مواطنين، أو خارجيا، وهو الأفضل دائما، وفق رأيه، ويجري عبر مستثمرين أجانب».
وأضاف العثمان، أن أي استثمار يحتاج إلى استقرار أمني، وسياسي، واقتصادي، وإلى بنية تشريعية من قوانين وأنظمة ولوائح تسهل وتساعد في تنظيم عملية الاستثمار، وقبل كل شيء إلى قيادة تدرك مدى أهمية الاستثمار.
ونظرا إلى ما سبق، تعد جميع العوامل المحفزة على الاستثمار الداخلي والخارجي غير موجودة في سورية، «ولا بنسبة 1%، بحسب ما يرى العثمان، مرجعا أسباب ذلك إلى «مافيات الاقتصاد» التي تسيطر على الاستثمار.
أما رجل الأعمال السوري المقيم في الإمارات مروان الأطرش، فقد اعتبر أن الاستثمار في ظل المعطيات الحالية في سورية «مراهنة» للمستثمرين.
وفي 27 من يوليو الماضي، قال «مدين دياب»، مدير «هيئة الاستثمار السورية»، إن الهيئة منحت 12 مشروعا إجازة استثمار منذ مطلع العام الحالي.
وتختص هذه المشاريع بعدة قطاعات، تتوزع على صناعة البطاريات الجافة والمعكرونة والشعيرية والزيوت والسمون النباتية واستخراج الكحول الغذائي والصناعي وإنتاج الأسمدة الزراعية والأدوية البيطرية وصباغة وتحضير خيوط الأكريليك، إضافة إلى إنتاج الأدوية البشرية ومشروع محطة شمسية كهروضوئية وصناعة ألواح الطاقة الشمسية.
لكن الخبير العثمان، قال ل «عنب بلدي»، إن رأس المال جبان، ولا يمكن لأي مستثمر «عاقل» أيا كانت جنسيته أو طبيعة عمله الاستثمار حاليا في سورية إلا لسببين، أحدهما استخدام الاستثمار كواجهة فقط للقيام بعمليات «غسل أموال» لصالح دول معينة.
في 22 مارس الماضي، تم إقرار القانون رقم «2» الذي عدلت بموجبه بعض أحكام قانون الاستثمار رقم «18»، بهدف «إيجاد آلية مناسبة لتجنب القيود المؤسساتية، وتبسيط إجراءات الاستثمار في مجال التطوير العقاري، والتركيز على تحديد المسؤوليات والأدوات بين الهياكل التنظيمية المختلفة المعنية بالاستثمار، وتعزيز البيئة الاستثمارية التنافسية لجذب رؤوس الأموال».
لكن العثمان يرى من جهته، أن هذه القوانين تبقى «حبرا على ورق»، إذ تكون بشكلها الخارجي «ممتازة جدا»، لكن عند التطبيق تكون هناك معوقات كثيرة تحد من الاستثمار، منها «أمنية»، مستندا على نتائج قانون الاستثمار رقم «10»، الذي صدر في 31 أبريل 1990، وتعديلاته، الذي ظهر في مرحلة الانفتاح من الاشتراكية إلى اقتصاد السوق الاجتماعي.
أما رجل الأعمال مروان الأطرش، فعلق بقوله، إن الاستثمار يرتكز دائما على القوانين الضامنة للحقوق الحالية والمستقبلية للمستثمر، وهي حقوق مبنية على ثقة أثبتها الزمن، وحفظتها القوانين، والتعامل الشفاف المجرب، وكل هذا لا وجود له في سورية منذ عقود.
بدوره، الخبير الاقتصادي «عمار يوسف»، قال في لقاء مع إذاعة «نينار إف إم» المحلية، في اغسطس الماضي، إن جميع القرارات التي تصدر لا تصب في مصلحة الشعب، وأن الثقة في الدولة لم تعد موجودة.
وحول الحوافز الاستثمارية التي تقدمها الحكومة للمستثمرين، أكد «يوسف»، أن المستثمر الذي يأتي من الخارج يجد أمامه «ألف عقبة»، وإن لم يتحسن دخل المواطن والاقتصاد السوري من الداخل، فلن يتواجد عامل جذب للاستثمار الخارجي برأيه.