67 يوما من الحرب الاسرائيلية والقصف والغارات على قطاع غزة حملت من الدمار للبشر والحجر، ما جعل الأمم المتحدة تشبه الأوضاع فيه بـ «الجحيم»، محذرة من ان سكانه يواجهون جوعا متزايدا، في وقت وضعت اسرائيل شرطا واحدا لوقف الحرب.
وفيما قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إن نصف سكان غزة يتضورون جوعا، عبّر المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني عن كارثية الأوضاع بالقول «الناس في كل مكان، يعيشون في الشارع، يحتاجون إلى كل شيء. إنهم يطالبون بالسلامة وإنهاء هذا الجحيم على الأرض».
وأشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (اوتشا) أمس إلى أن عمليات توزيع محدودة للمساعدات تجري في منطقة رفح، لكن «في بقية قطاع غزة، توقف توزيعها إلى حد كبير خلال الأيام القليلة الماضية بسبب شدة الأعمال القتالية وقيود الحركة على الطرق الرئيسية».
في هذه الأثناء، كررت اسرائيل سيناريو اقتحام مستشفى الشفاء، ولكن هذه المرة باقتحامها مستشفى كمال عدوان.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة إن القوات الإسرائيلية اقتحمت المستشفى في شمال غزة بعد حصاره وقصفه لعدة أيام، وقامت باحتجاز الذكور ومن بينهم أفراد الأطقم الطبية في باحة المستشفى.وكانت «أوتشا» قد أعلنت عن مقتل امرأتين عند تعرض قسم الولادة للقصف في المستشفى أمس الأول.
وبحسب «أوتشا»، يتواجد في المستشفى «65 مريضا بينهم 12 طفلا في وحدة العناية المركزة وستة أطفال حديثي الولادة في الحاضنات».
وأضاف أن «حوالي 3000 نازح لايزالون محاصرين في المنشأة وينتظرون الإجلاء مع الإبلاغ عن نقص حاد في المياه والغذاء والطاقة».
في الإطار ذاته، قال ريتشارد بيبركورن ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة إن 11 مستشفى فقط ـ أي أقل من ثلث مستشفيات غزة ـ لاتزال تعمل وبشكل جزئي، وناشد حمايتها.
وذكر في مؤتمر للأمم المتحدة عبر رابط فيديو من غزة «في 66 يوما فقط، انتقل النظام الصحي من 36 مستشفى عاملة إلى 11 مستشفى تعمل بشكل جزئي، أحدها في الشمال وعشرة في الجنوب».
وتابع «لا يمكننا تحمل خسارة أي مرافق رعاية صحية أو مستشفيات.. نأمل وننشد ألا يحدث هذا».
ميدانيا، قالت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) إن عشرات المواطنين استشهدوا بينهم أطفال ونساء وأصيب آخرون، ودمرت عشرات المنازل والبنايات والشقق السكنية، والممتلكات العامة والخاصة، في قصف الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، برا وبحرا وجوا.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن «حصيلة شهداء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة ارتفعت إلى 18412»، وقالت الوزارة في بيان مقتضب إن «أكثر من 50 ألف جريح أصيبوا منذ بداية العدوان على القطاع».
كما قصفت طائرات حربية ودبابات إسرائيلية مدينة رفح جنوب غزة، وقال مسؤولو صحة في المدينة المتاخمة لمصر، إن 22 شخصا على الأقل بينهم أطفال قتلوا في ضربة جوية إسرائيلية على عدة منازل.
وقال سكان إن قصف رفح، التي أعطى الجيش الإسرائيلي هذا الشهر السكان أوامر بالتوجه إليها باعتبارها منطقة آمنة، كان من بين الأعنف منذ أيام.
وفي خان يونس، المدينة الرئيسية بجنوب غزة، ركز القصف المدفعي على وسط المدينة، وذكر أحدهم إن حركة الدبابات نشطت في شوارعها أمس، خصوصا الذي يوجد به منزل يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في غزة.
ويقول السكان ومنظمات إغاثة إن هذا يعني أنه لم يعد هناك مكان آمن في القطاع حيث أجبر القصف غالبية السكان بالفعل على النزوح، كما توقف وصول إمدادات الغذاء والدواء والوقود تقريبا إلى جميع المناطق.
وفي موازاة القصف، دارت مواجهات عنيفة بين قوات الاحتلال وفصائل المقاومة، حيث قال الجيش الإسرائيلي إن أكثر من 10% من جنوده الذين قتلوا في قطاع غزة قضوا بنيران صديقة، بينما قضى آخرون في حوادث.
وذكر متحدث عسكري لوكالة «فرانس برس»: «حتى الآن، سقط 105 قتلى منذ العمليات البرية، 20 منهم في حوادث»، وأوضح المتحدث أن 13 قتلوا نتيجة نيران صديقة، بينما قضى آخرون في حوادث تخللها استخدام أسلحة أو آلات أو دهس أو «خلل في إطلاق النار».
من جهتها، أكدت كتائب «القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، مقتل 11 جنديا إسرائيليا باشتباكات من المسافة صفر في عدة مناطق، وقالت «مجاهدونا استهدفوا 7 آليات عسكرية بالقذائف والعبوات المضادة للدروع في حي الشجاعية، واستهدفوا ناقلة جند وأجهزوا على 3 من طاقمها. واشتبكوا مع جنود فرق الإنقاذ الذين حاولوا إسعاف طاقم دبابة وقتلوا عددا منهم».
إلى ذلك، قال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إنه يمكن إنهاء الحرب اليوم إذا ألقت حماس سلاحها، مشيرا إلى ان إطلاق سراح المختطفين سيختصر أمد الحرب، وقال ان خيار مقاتلي المقاومة في غزة هو: الاستسلام أو الموت، وشدد على أن إسرائيل لن تسمح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة من أي معبر باستثناء رفح.