لعقود طويلة تربعت هوليوود على عرش السينما العالمية دون وجود منافس حقيقي تقلق منه، لكن دوام الحال من المحال، فقد دارت عجلة الزمن لتجد هوليوود الأسطورية نفسها مهددة من قبل دولة أسيوية صغيرة هي كوريا الجنوبية، والتي استطاعت صنع مجدها الخاص وتصدير ثقافتها الفريدة إلى العالم.
لا شك أننا لاحظنا في الأعوام الأخيرة تزايدا خياليا لشعبية الأعمال الكورية، فلقد نجحت السينما هناك في فرض نفسها على العالم وجذبت أنظار المشاهد الغربي الذي امتلك مشكلة مزمنة دوما تجعل قراءة الترجمة شيئا عسيرا، فلا أحد ينسى اللحظة الأسطورية التي نجح فيها الفيلم الكوري الجنوبي «Parasite» أو «الطفيلي» في اقتناص «أوسكار» مستحقة جدا مقتحما تاريخ الفن السابع من أوسع أبوابه.
لم يكن هذا الفيلم هو الوحيد، إذ إن الأعمال الكورية الجنوبية تلاقي رواجا هائلا في الأعوام الأخيرة، حتى ان هوليوود أصبحت تلجأ لصنع نسخ أميركية من أفلام ومسلسلات قوية حازت على شعبية كاسحة. في الواقع وفي الآونة الأخيرة تزايد اهتمام هوليوود بالممثلين الكوريين وأصبح من المعتاد رؤية ممثل أو أكثر في أعمال هوليوودية مختلفة كاعتراف ضمني بشعبيتهم الكاسحة الأسطورية.
لكن ما الذي يميز أعمال كوريا الجنوبية عن غيرها؟ ما الأسباب التي تجعلها بهذه الشعبية الكاسحة؟ كيف استطاع الكوريون نقل ثقافتهم وحضارتهم إلى أصقاع الأرض؟.. سنجيب اليوم عن هذه الأسئلة عن طريق استعراض الفيلم الأوسكاري «Parasite» الذي قدم قصة عن عائلة فقيرة تقتحم منزل عائلة غنية لتعيش ولو للحظات معدودة حياة الأثرياء المرفهة.
يستعرض الفيلم الوجه المظلم لكوريا الجنوبية الثرية التي تعج بالشركات الضخمة وناطحات السحاب ليقول لنا إن تحت هذا الثراء كله هناك أناس تحولوا إلى حطام بشري بسبب الفقر والحرمان، لا يمكن لأي شخص شاهد الطفيلي أن ينسى المشهد البسيط الذكي عندما يقود الأب السيارة بالزوجة الثرية التي تتغنى بأمطار أمس الرقيقة التي أسعدتها هذه الأمطار نفسها حولت منزل العائلة الفقيرة إلى كارثة بيئية قاسية.
لقد امتلأ الفيلم بلحظات توضح ذلك الفرق الشاسع بين طبقتين تسكنان البلد ذاته وقدم أحداثه بمزيج ذكي من الدراما والكوميديا السوداء التي جعلت له بصمة خاصة خففت من قسوته، أحداث فسرت الاسم المميز للفيلم «الطفيلي» الكائن الذي يتطفل على كائنات أخرى ليعيش، لقد تطفلت العائلة الفقيرة على عالم العائلة الثرية واخترقوا عالمهم النظيف المرفه الخالي من هموم ثقيلة مثل تأمين الطعام والتقاط شبكة إنترنت من الحمام.
في الختام، يعد «Parasite» أو «الطفيلي» فيلما أسطوريا بقصة متفردة، ورغم بساطتها لكنها لم تخطر على بال أي أحد من قبل لذا مشاهدته متعة لا تضاهيها متعة.