توصل النواب الأوروبيون والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق بشأن مسألة شائكة تثير قلق الحقوقيين وهي إصلاح نظام الهجرة، وذلك بعد مناقشات دامت سنوات طويلة ومفاوضات في اللحظة الأخيرة استمرت لساعات.
وأشادت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين بهذا «الاتفاق التاريخي» حول ميثاق الهجرة واللجوء، واعتبرت رئيسة البرلمان الأوروبي روبيرتا ميتسولا «أنه على الأرجح أهم اتفاق تشريعي» في ولايتها.
ولقيت هذه المبادرة إشادات من ألمانيا وفرنسا وإسبانيا واليونان وهولندا، فضلا عن إيطاليا التي اعتبرت أن هذا الإصلاح يجعل البلدان التي هي في الخطوط الأمامية في مواجهة تدفقات المهاجرين «تشعر بأنها ليست وحيدة».
وفي المقابل، دحضت المجر المعارضة لتدابير التضامن المنصوص عليها في الاتفاق «بشدة» الميثاق الجديد للهجرة واللجوء الذي لا يتطلب اعتماده سوى أغلبية مؤهلة.
ويشكل هذا الميثاق الذي قدمته المفوضية الأوروبية في سبتمبر 2020 محاولة جديدة لإعادة صياغة اللوائح الأوروبية، بعد أن فشلت محاولة سابقة في 2016 في أعقاب أزمة اللاجئين.
والهدف هو إقرار مجمل النصوص بشكل نهائي قبل الانتخابات الأوروبية المقرر تنظيمها في يونيو 2024، علما أن مسألة الهجرة تتصدر النقاش السياسي في عدة بلدان أوروبية، على خلفية تصاعد الأحزاب اليمينية المتطرفة والشعبوية.
وينص الإصلاح الذي يتضمن سلسلة من خمسة نصوص، على مراقبة معززة لعمليات وفود المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي وإقامة مراكز مغلقة بالقرب من الحدود لإعادة الذين ترفض طلباتهم للجوء بسرعة أكبر، فضلا عن آلية تضامن إلزامية بين البلدان الأعضاء لمساعدة الدول التي تواجه ضغوطا كبيرة.
ومازال ينبغي أن يحصل هذا الاتفاق السياسي رسميا على موافقة كل من المجلس (الدول الأعضاء) والبرلمان الأوروبي.
وينبغي للدول الأعضاء الأخرى تقديم المساعدة، إما من خلال تولي طلبات اللجوء (نقل أصحاب الطلبات إلى أراضيها) أو من خلال تقديم دعم مالي أو مادي.
وينص الإصلاح أيضا على «فرز» المهاجرين عند وصولهم وعلى مسار معجل عبر «آلية على الحدود» للمهاجرين الأقل أهلية مبدئيا للحصول على حق اللجوء، تسمح بإعادتهم في أسرع وقت إلى بلد الأصل أو العبور.
ومن النصوص الأخرى التي تم التوافق عليها، تسوية بشأن حالات الأزمات والقوة القاهرة بغية تنظيم الرد في وجه تدفق كثيف للمهاجرين إلى دولة في الاتحاد، كما حصل وقت أزمة اللجوء في 2015-2016.
وينص الميثاق في هذا السياق على مبدأ التضامن الإلزامي بين الدول الأعضاء واعتماد نظام استثنائي أقل حماية لطالبي اللجوء من الإجراءات الاعتيادية، مع احتمال تمديد فترة الاستبقاء عند الحدود الخارجية للتكتل الأوروبي.
كما رحبت المنظمة الدولية للهجرة بالاتفاق «الذي يعلن عن إطار أوروبي مشترك وشامل ويمكن التنبؤ به، وتنتظر بفارغ الصبر اعتماده رسميا»، مشيرا إلى أن المنظمة مستعدة لدعم الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي ليكون تنفيذ الاتفاق «انسانيا ويعتمد على الحقوق».
إلا أن مجموعة من 15 منظمة غير حكومية تعنى بعمليات الإغاثة في البحر اعتبرت أن «هذا الاتفاق يشكل فشلا تاريخيا» و«سيتسبب في المزيد من الوفيات في البحر».
واشارت منظمة العفو الدولية إلى أن الاتفاق «سيزيد من معاناة» المنفيين، ووصفته منظمة «أوكسفام» بأنه «تفكيك خطير للمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان وقانون اللاجئين».