يروي لي أحد الأصدقاء أنه صادف أحد الأشخاص من كازاخستان عندما كان يدرس في الولايات المتحدة الأميركية، حيث أوقفه عندما سمعه يتحدث باللغة العربية ليسأله بشغف: هل انت عربي؟ ورد عليه بـ : نعم..، ثم سأله: هل انت من الكويت؟ واستغرب انه اختار الكويت من بقية الدول.. ثم أجابه: نعم..، لكن لماذا قلت مباشرة الكويت.. ولم تقل أي دولة عربية أخرى؟
فبدأ الكازاخي يحدثه باللغة العربية التي تعلمها من خلال دراسته في مصر لمدة 5 سنوات، وأصبح بعدها حافظا للقرآن، ثم أخرج له من محفظته بطاقة مكتوب عليها أنه كان مبتعثا من قبل مؤسسة (الكويتي) عبدالعزيز سعود البابطين التي تكفلت بتعليمه في مصر، كما تحملت كل مستلزمات دراسته من مأكل وسكن ومعيشة.
هناك أشخاص استثنائيون.. يمرون على مختلف الأزمنة ليكرمنا الله بنعمة وجودهم، يضاهون بعطاءاتهم بمفردهم ما يمكن أن تقدمه دول مجتمعة أحيانا، ونوقن بأن الدنيا مازالت بخير، طالما أنهم موجودون بيننا، ونحن في هذا المقال في حضرة مقام خير من انتصر للغة العربية الذي أصبح خليلا لها ومدافعا عنها تحت أسقف مختلف الجامعات في العالم، في زمن صد فيه العرب عن اللغة العربية، ليمسك العم عبدالعزيز سعود البابطين لواء الدفاع عن لغة الضاد، وكان سيفه القلم، ودرعه الكتاب، وجواده التاريخ والحرف والكلمة، ليقدم للغة العربية سنوات عمره التي ابتدأها بالعمل بين أرفف المكتبة بدائرة المعارف في الخمسينيات من القرن الماضي، ليثمر بعدها للكويت عدة انجازات وإسهامات لا تكفي سطور المقالة بجمعها.. تتوجت هذه الانجازات بإنجاز فريد رفع به اسم العرب بشكل عام واسم الكويت بشكل خاص المتمثل بإطلاق اسمه على أعرق وأقدم كرسي للغة العربية بجامعة أكسفورد البريطانية العريقة، تقديرا لإسهاماته الكبيرة في دعم اللغة العربية والدارسين لها، وهو كرسي «أستاذية لوديان»، الذي أنشئ عام 1636 على يد وليام لوديان رئيس جامعة أكسفورد آنذاك.
رحم الله العم عبدالعزيز سعود البابطين الذي كان ناصرا للغة العربية والذي تشرفت بتكريمه ضمن حملة «الكويت تقول شكرا» عام 2013 وفتح لنا ابواب مكتبته لتكون مقر حفل التكريم السنوي للحملة، وامتدت العلاقة معه، رحمه الله، وعملنا معه فيلما وثائقيا باسم «سجدة التحرير»، تناولنا دور ديوانه في استقبال سمو الأمير الراحل جابر الأحمد لتكون مقرا مؤقتا لادارة البلاد وتشكيل اول حكومة كويتية بعد التحرير.
أتمنى من المعنيين المبادرة بتكريم الأديب الشاعر عبدالعزيز سعود البابطين، رحمه الله، بإطلاق اسمه على قسم اللغة العربية بجامعة الكويت تقديرا لدوره الكبير بنصرة اللغة العربية، وعرفانا برفعه اسم الكويت من باب رد الجميل من الكويت لابنها البار العم عبدالعزيز سعود البابطين، رحمه الله.
[email protected]