(وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ـ التوبة: 102).
هذه الآية نزلت في الصحابي الجليل أبو لبابة وأصحابه الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، الا ان المعنى العام يشمل جميع الآل والاصحاب سواء في هذه الغزوة ام قبلها او بعدها.
المعنى الذي تذكره الآية هو الطبيعة البشرية للآل والاصحاب الذين يخلطون في بحر اعمالهم الصالحة بعض الاعمال السيئة ثم يتوبون عنها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون»، وجاء في سبب نزول هذه الآية كما جاء في تفسير ابن كثير: لما بين تعالى حال المنافقين المتخلفين عن الغزوة رغبة عنها وتكذيبا وشكا، شرع في بيان حال المذنبين الذين تأخروا عن الجهاد كسلا وميلا الى الراحة مع ايمانهم وتصديقهم بالحق.
وقال الطبري عن ابن عباس رضي الله عنه: كانوا عشرة رهط تخلفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فلما حضر رجوع النبي صلى الله عليه وسلم أوثق سبعة منهم أنفسهم بسواري المسجد، فلما رآهم قال: من هؤلاء الموثوقون أنفسهم بالسواري؟ قالوا: هذا أبو لبابة واصحاب له تخلفوا عنك يا رسول الله حتى تطلقهم او تعذرهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وأنا أقسم بالله لا أطلقهم ولا أعذرهم حتى يكون الله هو الذي يطلقهم، رغبوا عني وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين، فلما بلغهم ذلك قالوا: ونحن لا نطلق أنفسنا حتى يكون الله الذي يطلقنا، فأنزل الله الآية (وآخرون اعترفوا)، فلما نزلت الآية أرسل اليهم النبي صلى الله عليه وسلم فأطلقهم وعذرهم.