التصوير هواية مذهلة وبالأصح موهبة، تتطلب صقلا وتهذيبا، وفيها بصمة خاصة يتميز بها كل مصور.
التصوير اختراع، حلم.. تحقق وتطور، وبلغ حدا لم يكن بالحسبان، حين أدخلت الأصوات وأدمجت المؤثرات، بل وصارت تتناقل بالوسائل الحديثة! وصرت متكئا في بيتك تتصفح العالم! تشاهد تحت يديك البشر، الكائنات المختلفة، اليابسة والماء، المألوف والغريب، المدن والأرياف!
فأي قوة تحمل تلك الصورة؟
إنها تتملكنا (تلك اللحظة المتوقفة) لتحكي لنا قصة، أو تستثير فينا شعورا أو فكرة، أو تستعيد ذكرى!
لمع اسم المصور الكويتي ماجد الزعابي بملكته وجهده ليحصد الجوائز في مسابقات التصوير العالمية الكبرى. لازلت أتذكر أول صورة عرفتني بهذا الاسم، إنها صورة القط البري الجميل في صحراء الكويت محدقا في حشرة ترف بجناحيها أمام عينيه، عندما قرأت خبر فوزها بالمركز الأول في مسابقة ناشيونال جيوغرافيك العالمية لعام 2008. كم سحرتني تلك الصورة!
إنك إن سبرت مواقع التواصل ستجد أعدادا متزايدة من المصورين، وستتعرف على أعمال جذابة، فالتصوير نتاج بشري، وفيه إبداع وتوثيق. ويشمل توجهات مختلفة من تصوير الطبيعة، إلى التصوير التجاري لغرض الدعاية والإعلان. إنه عالم مثير! هناك من عشقه واعتبره جزءا من شخصه، دون تسابق في المنافسات.
كنت إبان الوباء الكوروني قد مررت بحسابات مصورين أثارت استغرابي واستنكاري في توجههم لتصوير الفتيات بطريقة خادشة، لتأت عليها تعليقات مبتذلة!
وتساءلت: ما الجدوى من هذا النوع من التصوير المفرغ؟
التصوير الذي لا يمت لآداب وذوق وثقافة المجتمع بصلة، ولا يضيف قيمة فكرية تسمو بالناظر، ولا حصيلة معرفية، ولا نقلا للتراث ولا تعزيزا للمشاركة الإنسانية.
لقد تمكن الإنسان من التصوير وجنده! باتت الصور هي التي تطاردنا! وأضحت مقرونة بالمواقع! وكبر استغرابي عندما وجدت من يعرف مزاراته المشبوهة للعلن!
يشد رحاله وينشر رحلاته موثقا قبح اختياراته!
أتذكر التصوير والترحال وما رواه «ماجد» عن أسفاره، ويمر في ذهني محمد الحسيان وخالد الريس وخالد النصرالله وخالد العلي وفهد العتيبي، أولئك الذين مررت بتوثيقاتهم حين توقفوا «لتصوير حكاية» في حلهم أو ترحالهم.
وأجد من سلطنة عمان مجدين كرسوا أنفسهم لتخليد تاريخ وطنهم، أمثال سامي الهنائي وخلفان الصلهمي وعلي البوسعيدي.
شتان بين من يصور ليوثق الجمال، وبين من يصور ليتسول المتابعة!
بين من يثري المعارف البشرية، وبين من ينحدر بها!
فكل التوفيق لمن وضع وقته وماله وطاقته لنفع الناس وإمتاع نواظرهم، لتنبض قلوبهم وتستنير عقولهم وتلهج ألسنتهم، إعجابا وتأملا وتسبيحا.
فكل ذلك.. في «صورة».
وكن في الطريق عفيف الخطا
شريف السماع كريم النظر
ولا تخل من عمل فوقه
تعش غير عبد ولا محتقر
وكن رجلا إذا أتوا من بعده
يقولون مرّ وهذا الأثر
[email protected]