يعتبر سلاح الخوف من أرخص الأسلحة وأشدها فتكا بقرارات المصير سواء على مستوى الفرد او الدولة، فاستعراض القوة والمناورات العسكرية لا يعني الدخول في ميدان الحرب، بل تعني الدخول في داخل نفسية العدو للهيمنة على عقله، وبالتالي السيطرة على قراره الذي غالبا ما يبنى على مراد صانع الخوف، وبالتالي يكون صانع الخوف قد حقق مراده بدون تكلفة تستحق الذكر.
وهناك العديد من الامثلة والحوادث التي ركبت على ظهر جواد الخوف فذهب بها بعيدا عن الواقع بعد ان ادرك الخائفون أن خوفهم مجرد وهم ليس له اي ارتباط حتى بالواقع الافتراضي. والخوف أحجام، فمنه الحجم الكبير الذي تصنعه الانظمة المستبدة في العالم وكذلك انظمة الفصل العنصري التي لا تعرف الا القمع بالقوة العسكرية والأمنية لزيادة الخوف من السلطة، وهذا النوع يسمى إرهاب الدولة، أما عندما تنهار الدولة وتكثر الميليشيات المسلحة غير النظامية، فإن الخوف يزداد حجما ويزداد الناس خوفا كما هو في الدول التي تشهد نزاعات.
ومثال على ذلك الديانات القديمة، اذ كان سكان الانكا في أميركا الجنوبية عادة ما يقتلون بنتا ويلقونها في بحيرة عميقة خوفا من آلهتم المزعومة.
وكان الأطفال قديما وحديثا يخوفونهم بشخصيات او مخلوقات وهمية لكي يناموا، ويبدو أن الخوف من الأمور الغيبية أصبح من أهم الادوات السياسية، بل انه أهم من من قوة أسلحة الدمار الشامل، وهنا حقيقة لابد ان ندركها قبل ان يدركنا الخوف منها وهي أن «الكذب ثم الكذب ثم الكذب» هو الذراع اليمنى للخوف من الحاضر والمستقبل.
وعلى سبيل المثال لا الحصر كانت حكومات الكيان المحتل تحذر بصورة مباشرة او غير مباشرة من قوة هذا الكيان الغاصب منذ 70 عاما وأسمت جيشها بالجيش الذي لا يقهر، ودبابة الميركافا أقوى دبابة بالعالم وبدون منازع، أما الاجهزة الاستخباراتية والأمنية فقد وصلت الى مرحلة الخيال والذي اعتقد البعض أن أنشطته الأمنية قد امتدت إلى جميع كواكب المجوعة الشمسية، أي خارج كوكب الارض، ولكن ياللهول من 7 اكتوبر الذي كشف المستور للجميع وأنهم عاشوا طوال هذه الفترة تحت مظلة وهم الخوف الذي صنعه الصهاينة ضد العرب عامة والفلسطينيين خاصة، فسقطت هيبتهم أمام الجميع وساءت سمعتهم بالعالم كافة، وتحول العالم الى نصرة غزة بالمظاهرات في جميع انحاء العالم ولم يبق الآن الا رحيلهم من فلسطين التي احتلوها في غفلة من الزمن.
أما حل الدولتين المتجاورتين الذي ينادي به البعض فهو لا يعني «نحنا والقمر جيران» بل يعني بالحقيقة تجاور النار مع البنزين، لأن الدماء التي سفكت في غزة لا يطهرها الا دماء الكيان المعتدي المحتل، والثأر سيظل قائما ما دام العدو بالجوار. فويل للصهاينة اذا بقوا في فلسطين ثم نطق الحجر والشجر ضدهم واخبر المسلمين بأن الصهيوني وراءه فتعال يا مسلم واقتله وهذا يعني الانتقام الرباني المؤكد في شريعة الاسلام.
مسك الختام: قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ - 204 - 205: البقرة)