ينضــم أحــدنا لتجمع ثقافي أو اجـــتماعي، فينخرط معهم لفترة ويشعر بالسـعادة والفرح وأنه قد وجد نفسه معهم، وبعد مرور فترة ينطفئ هذا الحماس والفرح، ويتسرب لديه شعور بالملل.
تمارس هواية تحبها، فتفرح بما فتح الله عليك من هذا التوفيق واليسر الذي أصبحت فيه، ولكن بعد مرور وقت يطول أو يقصر، تجد نفسك قد أصابها الملل والضجر.
طبق كنت تفضله، مشروب تتلذذ به، دولة تعشقها، صديق تأنس به، فيلم أو مسلسل أو برنامج أو عطر، بعد فترة ستجد أنك لست بالشخص الأول.
الملل داء فتاك يصيب الغني، والسعيد، والناجح، والرياضي، ومن يحب السفر، والقراءة، والأكل، الملل داء خفي يتسرب ويتسلل لأعماق النفوس فيكدرها، ويتسرب إلى الأرواح فيضجرها، وينسل إلى وسط القلوب فيقلقها.
الملل قد يصيبك فيما تحب، ويأتي إليك فيما ترغب، فيكدر عليك فرحك، وينغص عليك نجاحاتك.
الملل قد يؤدي بك إلى ما لا تحمد عقــباه، فقد يؤدي بك إلى الانتحار إذا لـــم تكن تملك إيمانا بالله وباليوم الآخر، وقد يؤدي بك الى الاكتئاب إذا كنت لا تملك الوعي الكافي الى خسارة تجارتك إذا كنت لا تملك التوفيق اللازم. وربما إلى إنهاء العلاقات إذا كنت لا تملك المخزون الكافي من الثقة بالنفس والأمل.
الملل لا يفرق بين صغير وكبير، أو بين ذكر وأنثى، ولا بين غني وفقير، الملل يطرق بابك من غير استئذان، ويدخل عليك من دون استعداد، الملل ليس له دواء ملموس فيؤخذ، ولا وصفة فتطلب.
الملل يبدأ صغيرا أحيانا فيكبر، كما قيل الملل بريد الاكتئاب، فالأعراض متقاربة من فقدان الطاقة والرغبة والاستمتاع بممارسة أي نشاط، لذلك وجب الانتباه ومحاولة إيجاد الحلول التي تجعلك تتغلب على هذا الشعور.
تكلم الكثيرون في علاج الملل، فمن الأمور النافعة والناجعة في التغلب على الملل في الشريعة الإسلامية هي اللجوء إلى الله عز وجل، والشعور بأهمية الوقت وتنظيمه، البحث عن الرفقة المعينة والناصحة، طلب دعاء الوالدين، وأخيرا الإكثار من ذكر الله عز وجل.
وجدت تقريرا جميلا قد عمله موقع «الجزيرة» يتحدث عن العوامل التي تساعدك على التغلب على الملل، فذكر أمورا منها: «الزام نفسك بجدول زمني، الاطلاع على معلومات جديدة ومواكبة العصر، المحافظة على نشاطك اليومي، افعل شيئا ذا مغزى له أبعاد أخرى كالتطوع ومساعدة الغير، ابق على تواصل مع الغير، دلل نفسك بين فترة وأخرى، إنجازات صغيرة لكنها ستعطيك الحافز للاستمرار، وخطط للمستقبل».
٭ استدراك لابد منه قبل الختام: الملل مع ما فيه من سوء وتعكر للمزاج، قد يكون نعمة خفية من الله عز وجل إذا نظرت إليها بتمعن، كيف ذلك؟ حينما تجد نفسك تشعر بالملل من أحب الأمور لك، ستعرف حينها أن المتعة الحقيقية ليست بالأشياء، وأن السعادة التامة ليست بالمحسوسات، وسيكون لديك اليقين الراسخ بأن هناك حياة غير هذه الحياة، ودارا غير هذه الدار، التي وان صفت لك يوما أتعستك أياما وأياما.
[email protected]