بيروت - ناجي شربل
حالت الأسباب الأمنية دون مشاركة رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع في حلقة البرنامج التلفزيوني «صار الوقت» الذي يعده ويقدمه الاعلامي مرسيل غانم، من استديوهات محطة MTV في النقاش (المتن الشمالي).
جلس «الحكيم» خلف مكتب في قاعة فسيحة في مقر الحرب في معراب بكسروان فوق تلة حريصا، واستمع الى جمهور من مختلف الاحزاب في الاستديو، في غياب ممثلين عن «التيار الوطني الحر» (لخلاف قديم مع البرنامج والمحطة).
أوصل الرجل السبيعني ما يريد، وامتص حماسة مناصريه، وبعضهم يحن الى «أيام زمان». تعمد الإشارة الى الاهتمام بأوضاع مناصرين من الطائفة المسيحية في البلدات الحدودية مع فلسطين المحتلة، مثل رميش ودبل وعين إبل ومرجعيون والقليعة.. في استباق لطروحات جاهر بها البعض حول اللجوء الى الفيدرالية او التقسيم. وكانت الرسالة واضحة: الدولة اللبنانية بحدودها الجغرافية الحالية لا أكثر ولا أقل، والرهان على السلم الأهلي فقط، والعمل على تثبيته.
تعمد الابتعاد عن تأجيج الخلاف مع «التيار الوطني الحر»، لا بل أشار الى ان رئيس الأخير النائب جبران باسيل ملتزم بالاقتراع للمرشح جهاد أزعور الذي تقاطعت على اسمه قوى المعارضة، في مواجهة مرشح الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) رئيس «تيار المردة» الوزير السابق سيلمان فرنجية.
وفي هذا السياق، رد بـ«أبوة» على إحدى المحازبات في «تيار المردة» متوجها اليها بـ«الصبية»، ومشيرا الى انه من مدرسة والوزير فرنجية من مدرسة أخرى، في تقليل كبير للاختلاف الجذري بين الفريقين، مع التشديد على رفض الاقتراع لفرنجية والعمل لمنع وصوله الى قصر بعبدا.
في محاور أخرى، رفض التعويل على «ضربة إسرائيلية» لـ«الحزب»، مؤثرا حل الخلاف داخليا، «لأن أي حرب على لبنان ستكون مدمرة للبلد».
وامتص كذلك مطالب البعض باعتماد أساليب غير معهودة في العمل السياسي لمواجهة تمدد الحزب وقوته العسكرية. وإن كان كشف العمل مع لجان متخصصة على التصدي لملفات عالقة في طليعتها الكهرباء، من طريق تشجيع شركات خاصة على تأمين التيار الكهربائي في مناطق معينة، في خطوة أشبه باللامركزية الإدارية. خطوة لقيت حماسة لدى جمهور جعجع، الذي طالب بالمزيد، الا ان الرجل دعاهم الى التروي، مشددا على تقبل أطياف المجتمع اللبناني، والاحتكام الى الحضن العربي الذي ترعاه المملكة العربية السعودية.
لم يكشف الحكيم مزيدا من الأوراق، ربما لإدراكه ان أوان الانفراجات الداخلية اللبنانية لم يقترب، وخصوصا في الاستحقاق الرئاسي، على رغم عمل أركان «الخماسية» (ممثلي السعودية وفرنسا ومصر وقطر والولايات المتحدة) على اعادة تحريك الملف، تمهيدا لزيارة للمبعوث الفرنسي جان ايف لو دريان الى بيروت.
فصل جعجع بين التمديد لخدمة قائد الجيش العماد جوزاف عون والمجاهرة بتبني ترشيح الأخير للرئاسة في مواجهة فرنجية، وقال ان الخيار مستقر على أزعور. لعله أراد عدم خسارة تأييد جبران باسيل في ضوء مجاهرة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط بعدم ممانعته انتخاب فرنجية.
يرتب قائد القوات ملفاته جيدا، ويحسبها بدقة ويتعامل مع القضايا الشائكة بروية. لا يكسر مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ويتفادى تأجيج الخلاف مع «التيار»، ويضع الخلاف مع «الحزب» في إطار سلمي. وقال في موقف لافت ان كتلته النيابية الوازنة تكفل عدم حصول تبديل في موازين القوى، مع إشارته الى تواصل مع نواب (ألمح الى خمسة) يكفل عبرهم عدم تأمين نصاب قانوني لانتخاب فرنجية.
ببذلة رسمية وربطة عنق، تعمد الحكيم نسق كلامه في صورة مماثلة. لا مكان للبذة العسكرية الزيتية التي اشتهرت بها «القوات» في الحرب الأهلية، وإن كان بعض المناصرين وقسم من الجيل الجديد يحن اليها. لكن العبرة تبقى أقوى في أن البلد للجميع، ولن يقع في يد فريق واحد.