لم يكن هناك مجال للمصادفة في النظام الرباني المحكم الصنع، إذ إن ما نراه ونعيشه اليوم ما هو إلا حالة المخاض العالمي البطيء الذي حتما سينتهي بولادة عالم جديد متعدد الأقطاب.
ومن مميزات هذا العالم الجديد انه خال من نكهة الطغيان السياسي الذي أثبت فشله في العهد التاريخي السابق القريب، ومن المتوقع اننا سنجده يعتمد على التحالفات الاقتصادية والسياسية والعسكرية من خلال وضع أجندة مشتركة كالتحالف الآسيوي مثلا والتحالف الأفريقي والتحالف الأوروبي - الأميركي، وغير ذلك من التحالفات الجانبية.
إلا ان ما يهمنا بالموضوع هو ان بناء التحالف الإسلامي من الداخل سيكون له الأثر الكبير في دعم وتعزيز قوته أولا مما يؤهله إلى الارتقاء إلى درجة الحليف القوي في عالم التحالفات المستقبلية القادمة في المستقبل القريب، وربما تكون مهمة بناء هذا التحالف الإسلامي كحليف استراتيجي مهمة صعبة إلا انها ليست مستحيلة، فاللغة واحدة والدين واحد والقرآن الكريم واحد ومكة المكرمة واحدة (قبلة المسلمين) والله واحد ولا إله إلا هو، والرسول محمد صلى الله عليه وسلم واحد.
وهناك أسباب أخرى، منها ان دول هذا التحالف تمتد من أقصى الشرق الأقصى حتى موريتانيا والمغرب العربي على شواطئ المحيط الأطلسي في شمال غرب أفريقيا، كما أن هذه الدول تحتوي أراضيها على ثروات طبيعية مثل المعادن والنفط والغاز والزراعة وبها معابر بحرية دولية وبها ما لا يقل عن ملياري مسلم، وبها الكثير من الحضارات القديمة التي لها الأثر الإيجابي في جذب السياحة العالمية إلى أراضيها وأيضا لا ننسى التنوع المناخي وغير ذلك من المميزات الإيجابية الأخرى فالتحالف مع العرب والمسلمين يعني للآخرين انك حجزت لك مقعد VIP في الصفوف الأمامية القريبة من منصة العالم الجديد. ومن يخسرهم فقد خسر الكثير.
وأنا أعتقد أن التحالف العربي - الآسيوي قادم وبقوة خلال المرحلة القادمة وهذا التحالف هو الذي سينهي زمن الاضطرابات والثورات والحروب المستدامة بالشرق الأوسط والتي مر عليها أكثر من 100 عام، ومن المعروف ان حالة اللااستقرار في الشرق الأوسط تعمل بنظام غربي استعماري ناعم تتوارثه الدول الغربية ضد العالم العربي والإسلامي.
والدليل على ذلك ما حدث في الربيع العربي من إسقاط بعض رؤساء الدول العربية، مما أدى إلى ظهور (الفوضى الخلاقة) التي راح ضحيتها وللأسف الملايين من العرب والمسلمين، وما يحدث الآن في حرب غزة ما هو إلا تكملة لدعم حالة الحرب الناعمة في الشرق الأوسط على الرغم من أن الأمور خرجت عن يد السيطرة الغربية المعتقة في منطقة الشرق الأوسط.
إلا ان الغرب لا يزال عنيدا وغير متدبر لأمر الله في غزة، وذلك تصديقا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاتزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك»، وفي رواية أخرى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك، قالوا: يا رسول الله، وأين هم؟ قال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس».