بيروت ـ اتحاد درويش
أصدر مصرف لبنان الأسبوع الماضي تعميما حمل الرقم 166 يسمح بموجبه للمودعين الذين لم يستفيدوا من التعاميم السابقة بسحب مبلغ 150دولارا شهريا وذلك ضمن شروط وضوابط معينة تطول 280 ألف حساب.
التعميم الجديد للمصرف المركزي اعتبره البعض خطوة باتجاه أنصاف أصحاب الودائع لاسترداد جزء من ودائعهم المحتجزة في المصارف منذ أربع سنوات والتي تخضع لعملية هيركات بنسبة تقارب 83%، في وقت فشل فيه مجلس النواب أكثر من مرة في إقرار قانون الكابيتال كونترول الذي ينبغي أن يأتي من ضمن خطة إنقاذية شاملة تعيد الحقوق لأصحابها الذين لم يكن أمامهم من سبيل سوى التعاميم الصادرة عن المركزي.
وقد أثار التعميم الأخير (166) للمصرف المركزي غضب جمعيات المودعين التي وصفت مبلغ 150 دولارا شهريا لا يسمن ولا يغني من جوع، وهو يأتي ضمن الحلول المجتزأة، التي لا تلبي الاحتياجات المعيشية في ظل الضرائب والرسوم المرتفعة وجنون الأسعار.
فما شروط الاستفادة من أحكام التعميم 166؟ يشرح خبير المخاطر المصرفية والباحث في الاقتصاد د.محمد فحيلي لـ «الأنباء» أن التعميم الجديد يخصص الاستفادة من أحكامه كل الحسابات التي تكونت حكما بالعملة الأجنبية بعد 31 أكتوبر 2019، وهي حسابات مجمدة وليست جارية، على عكس التعميم 151 الذي لم يعد له وجود وكان يشمل كل الودائع بالدولار، بغض النظر إذا كانت حسابات جارية أم لأجل، أو تاريخ تكوينها.
وبحسب د.فحيلي، فإن التعميم المذكور يطول عددا صغيرا من المودعين أصحاب الحسابات التي تكونت بعد 31/10/2019، وهي حسابات أيضا صفيرة ولأجل، وهناك جملة من الشروط للاستفادة منه أولا أن يكون المودع قد التزم بإحدى مواد التعميم الأساسي 154 الذي بموجبه طلب مصرف لبنان من المصارف أن تتوجه إلى عملائها وتطلب منهم رد جزء من الأموال التي حولت إلى خارج لبنان بعد يوليو 2017، وهناك الكثير مت المودعين لم يلتزموا بهذا الطلب.
ومن ضمن الشروط وفق د فحيلي، ألا يكون الحساب قد شهد أي حركة شيكات تشير إلى أن صاحبها يتاجر بها، الأمر الذي يسقط عنه شروط الاستفادة، إضافة إلى أن يكون العميل قد قام بتحويل 300 ألف دولار أو أكثر على سعر 1500 ليرة، أو إذا كان قد سدد قروض لدى المصرف بقيمة 300 ألف دولار وأكثر على سعر 1500 ليرة، أو استفاد من منصة صيرفة بمبلغ 75 ألف دولار، أو يكون قد استفاد من التعميم158 الذي يتم يتم بموجبه دفع 400 أو300 دولار شهريا. كل ذلك يسقط شروط الاستفادة عند المودع، أي أن المساحة التي أسسها التعميم 166 ضيقة وحددت بـ 150 دولارا شهريا ليس أكثر وممنوع السحوبات بالليرة اللبنانية على أي سعر.
وعن آلية تطبيقه من قبل المصارف وتأمينها لمبلغ 150 دولارا، يوضح د.فحيلي أن مصرف لبنان المركزي سيؤمن جزء من الكلفة عن طريق توظيفات المصارف الإلزامية لديه، وهذا أمر لا يبعث على الارتياح لأن التوظيفات الإلزامية بالعملات الأجنبية لدى المركزي ستنخفض نتيجة تلبية احتياجات المصارف لهذا التعميم، ولو كانت تكلفته ليست مرتفعة والحسابات المستفيدة ضئيلة، وشروط الاستفادة منه تركت للمصارف أن تقررها، إلى جانب أن الآلية غير واضحة كثيرا وكل الشروط التي وضعها مصرف لبنان وضعت تحت مظلة ما يسمى بالسرية المصرفية، وهناك احتمال ألا يوصل المصرف المعلومات لأصحاب الوديعة للتأكد من أن المصرف مارس أقصى درجات الحيطة والحذر والمهنية والمناقبية والشفافية لتحديد شروط استيفاء شروط الحساب للتعميم 166 أم لا، وهناك احتمال كبير عند بدء سريان مفعول التعميم الذي يفترض أنه جرى العمل به بدءا من يوم الاثنين أول أمس من حصول مواجهة بين المودعين وموظفي فروع المصارف بسبب هذه الضبابية التي أعطت مساحة إضافية للمصرفيين لممارسة الاستنسابية والزبائنية في التعاطي مع المودع.