لا تستعظم الطلب اذا سألت الله، فالله عز وجل لا يعجزه شيء، فلا تقف طموحاتك، ادع الله وتوسل اليه، علق قلبك بالله وحده، فالثقة بالله تعالى هي التي جعلت سيدنا ابراهيم عليه السلام يضرب المثال للثقة والتسليم (إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لربّ العالمين)، وعندما ألقي في النار كان على ثقة بالله عظيمة، فكان قوله (حسبي الله ونعم الوكيل).
أم موسى عليه السلام
الثقة بالله تعالى هي التي لقنها الله عز وجل لأم موسى عندما خافت على ابنها من فرعون ان يقتله، فجاءها الأمر من الله تعالى (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليمّ)، لولا ثقتها بالله عز وجل لما تخلت عن ابنها، وجاء جزاء ثقتها بربها في موسى الرضيع الملقى في اليم في حماية ورعاية عدوه فرعون، فكان لأم موسى ما أرادت، وحقق الله لها ما وعدها به، وحفظ لها طفلها من كل سوء ومكروه، رده إليها لثقتها بالله (ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين)، فكوني واثقة أيتها المؤمنة بوعد الله كوثوق أم موسى عليه السلام ليحقق لك الله تعالى ما تريدينه، واستعيني بربك في كل شيء وفي كل أمورك، وفوضي أمرك إليه وتوكلي عليه وحده، فهو سبحانه كافل من أناب إليه، كاف من توكل عليه (أليس الله بكاف عبده)، فإن كان الله كافيك ووكيلك وحسيبك فلن يتركك ولن يضيعك ولن يخذلك أبدا.
اليقين الكامل بالله تعالى وأمنا هاجر
نموذج آخر للثقة بالله من البشر، أمنا هاجر عليها السلام، وهي عندما سألت سيدنا ابراهيم عليه السلام «يا إبراهيم لمن تتركنا؟»، كلمة قالتها فقط لتسمع منه كلمة يطمئن بها قلبها، فلما علمت انه امر إلهي قالت بثقة وثبات «إذن لن يضيعنا»، انه الايمان الموصول بالله عز وجل والثقة بنصره وعنايته.
وهكذا يجب أن تكوني متحلية بالثقة التامة واليقين الكامل وحسن الظن به، وكان من اسباب توكلها على الله تعالى وسعيها بين الصفا والمروة بذلت كل جهدها وقوتها من صعود وهبوط الى الصفا ثم المروة، فقد بذلت وسعت، فعلى كل مسلمة ان تبذل ما تستطيع من قوة واسباب وإن تملكها الضعف.
ماشطة بنت فرعون
اليقين بالله نعمة عظيمة، وكنز عظيم، وسلعة الله غالية.. آمنت ماشطة بنت فرعون بالله، فقتلها فرعون مع زوجها واولادها، ولقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء شيئا من نعيمها، فحدث به اصحابه، فقال لهم فيما رواه البيهقي: لما أسري بي مرت بي رائحة طيبة، فقلت: ما هذه الرائحة؟ فقيل لي: هذه ماشطة بنت فرعون واولادها، فبينما هي تمشط ابنة فرعون سقطت المدري من يديها، فقالت: بسم الله، فقالت لها ابنة فرعون: أبي؟ فقالت: لا، ولكن ربي ورب ابيك الله، فأخبرت أباها، فدعاها فرعون وسألها: ألك رب غيري؟ فقالت: نعم، ربي وربك الله، فأمر فألقاها في نار حامية هي وأولادها، واحدا تلو الآخر.
قال ابن عباس: تكلم اربعة في المهد: عيسى بن مريم، وصاحب جريج، وشاهد يوسف، وابن ماشطة ابنة فرعون.