بيروت - منصور شعبـان- أحمد عز الدين - خلدون قواص
كشفـت معلومات لـ «الأنباء» ان الرئيس سعد الحريري مدد زيارته إلى لبنان لفترة محدودة، وذلك بسبب تزايد طلب اللقاءات به سياسيا وروحيا واجتماعيا واقتصاديا وشعبيا، بالإضافة إلى اللقاءات التي يعقدها بعيدا عن الإعلام على كل المستويات، وكشف زوار الرئيس سعد الحريري ان عودة الحياة إلى بيت الوسط أعطت دفعا للحياة السياسية اللبنانية الراكدة، وطمأنت جمهوره بأن السياسة الحريرية باقية رغم كل الظروف الصعبة التي تمر بها، وتعليق العمل السياسي هو مؤقت لبلورة الظروف الخاصة التي تعني الرئيس الحريري، وان العلاقة مع أصدقائه وجمهوره مستمرة في كل المراحل، وسيبقى متواصلا مع جمهوره المنتشر في كل المناطق اللبنانية.
وبالإشارة إلى نشاط الحريري ولقاءاته في «بيت الوسط»، ومحاولة من التقوه معرفة رأيه بالملف الرئاسي، كان مفاجئا ما نقل عنه بأنه لا يريد القراءة فيه، بمعنى انه «محايد»، وهو كان لفت قبل أيام إلى ان «رئيس تيار المردة سليمان فرنجية والوزير السابق جهاد ازعور هما صديقان لي».
وكان من ابرز استقبالات الحريري أمس، الرئيس تمام سلام والقائمة بأعمال سفارة بريطانيا لدى لبنان كاميلا نيكلس والقائم بأعمال السفارة العراقية أمين النصراوي والمدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري واللواء عباس إبراهيم.
وفي هذه الأثناء، استحوذت كلمة الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله أمس الأول على اهتمام كل الأطراف في لبنان تقييما وبحثا، فيما يمكن ان تكون له من تداعيات على مستوى الداخل وامتدادات خارجية تجد مكانها لدى أصحاب القرار الذين يتلمسون جدية تخوف اللبنانيين من انفلات العمليات الحربية جنوبا.
وهذا ما يتبدى مما قاله أموس هوكشتاين مستشار الرئيس الأميركي جو بايدن، لقناة «سي ان بي سي» الأميركية وقناة «العربية» من أن «حربا أكثر شمولا ليست هي الحل. نحاول إبقاء الصراع في جنوب لبنان عند أدنى مستوى ممكن»، مشددا على ان «هناك ضرورة لعودة سكان البلدات والقرى الحدودية الجنوبية إلى منازلهم، وكذلك السكان على الحدود الشمالية لإسرائيل».
وفيما لفت إلى ان «الوضع على الحدود بين البلدين تغير بعد 7 اكتوبر» قال هوكشتاين «سيتعين علينا القيام بالكثير لدعم الجيش اللبناني، وبناء الاقتصاد في جنوب لبنان».
كلام هوكشتاين يعكس المسعى الجدي لضبط الوضع جنوبا، وجاء بعد لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في ميونيخ على هامش مؤتمر الأمن العالمي، حيث أكدا الحاجة إلى حل ديبلوماسي دائم يسهم في تحقيق الاستقرار الدائم وعودة النازحين إلى قراهم. ولاقاهما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتأكيد وجوب «تجنب حدوث تصعيد بالمنطقة خصوصا في لبنان والبحر الأحمر».
موقفان اميركي وفرنسي ينمان عن متابعة حثيثة للملف اللبناني في مقابل التصعيد الإسرائيلي، سياسيا وعسكريا، إلى جانب إبداء كل طرف قلقه في ظل فراغ مستحكم بالقرار الرسمي اللبناني من خلال عدم انتخاب رئيس للجمهورية إلى الآن ولو ان هناك تلميحات بإمكان بقاء مكتبه مقفلا حتى عام 2025 بينما يسود الغموض ما بلغته مساعي «المجموعة الخماسية» العربية - الغربية.
إلى ذلك، قال وزير الداخلية الأسبق زياد بارود، في بيان له: «لم أعلن ترشحي أصلا لرئاسة الجمهورية وحبذا لو كان الترشح إلزاميا ولكنه ليس كذلك. لابد من لبننة الملف الرئاسي وأعلم تماما أن ثمة تأثيرا للخارج على الداخل».
وأضاف: «لبنان يحتاج إلى قرار سياسي يعتمد بكل جرأة على: أولا، إصلاحات بنيوية، وثانيا، إقرار ما يلزم من تشريعات تكرس هذه الإصلاحات، وثالثا، تدابير حكومية موازية وإعادة الحياة إلى الإدارة وتفعيلها، ورابعا، مصارحة الناس بخصوص ودائعهم التي لا يجوز أن تتبخر، وبالتالي توزيع عادل للخسائر، وخامسا، شبكة أمان اجتماعية، صحية وتربوية».
ميدانيا، واصل الطيران الحربي المعادي التحليق على علو منخفض في اجواء قرى وبلدات القطاع الغربي، كما تعرضت منطقة حامول - الناقورة واطراف علما الشعب، لقصف مدفعي معاد، وأغار الطيران الحربي بالصواريخ على اطراف بلدة عيترون في قضاء بنت جبيل، وأغار تتاليا على اطراف بيت ليف وراميا في خراج وادي المظلم.
الحريري: لبنان يمر بمرحلة جنون سياسي وكل طرف يعتقد نفسه «أكبر من بلده»
بيروت: استقبل الرئيس سعد الحريري، بعد ظهر أمس في «بيت الوسط»، وفدا كبيرا من قطاع الشباب والطلاب في «تيار المستقبل»، في حضور الأمين العام للتيار أحمد الحريري.
وخلال اللقاء، توجه الرئيس الحريري إلى الشباب والشابات المشاركين، فأكد أن حضورهم في بيت الوسط وقبل أيام على ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري «يكبر القلب»، ويؤكد أن «الجيل الشاب في لبنان لا يزال يسعى نحو مستقبل أفضل للبلد».
وتحدث الرئيس الحريري عن تعليقه للعمل السياسي، فأكد أنه اتخذ هذا القرار حين أيقن أن «الوجوه القديمة ستتكرر بنفس المواقف والعقلية. وتيار المستقبل كتيار سياسي لن يتمكن من تحقيق إنجازات، في حين أن الإنجاز هو أساس أهداف أي عمل سياسي.
وإذا كان الناس اليوم لا يزالون يستذكرون الرئيس الشهيد فبسبب ما خلفه من إنجازات عديدة، كما بفضل نهجه المعتدل وانفتاحه على الأطراف كافة».
وأكد أن «كل واحد وواحدة من هؤلاء الشباب والشابات هو مشروع رفيق حريري جديد للوطن، وهذا الجيل سيشهد تطورات في العالم لم تشهدها الأجيال السابقة، لاسيما من خلال التطور التكنولوجي الحاصل والذكاء الاصطناعي الذي سيغير حياة الناس»، مشيرا إلى أن «لبنان لابد أن يصل في لحظة من اللحظات إلى الاستقرار المنشود، لذلك يجب أن يكون الجيل الشاب في هذا البلد حاضرا لمواكبة كل تطور».
ولفت الرئيس الحريري إلى أن «المرحلة التي يمر بها لبنان حاليا ترقى إلى كونها مرحلة جنون سياسي، حيث كل طرف يعتقد نفسه أكبر من بلده ويتشبث بمواقفه السياسية». وقال: «بالمقابل، كانت طريقة عملي شخصيا في السياسة مختلفة.
فقد أجرينا ربط نزاع مع حزب الله وتعالينا على كل الخلافات التي كانت تحصل مع باقي الفرقاء، وحرصنا على عدم إظهار هذه الخلافات إلى العلن، وكنت دائما آخذ الأمور في صدري وأحاول أو أسير شؤون البلد، لأن واجبي كان تسيير شؤون البلد وتطوير الاقتصاد وتحسين عمل المؤسسات التي تقوم عليها الدولة وإجراء الإصلاحات اللازمة وليس التشبث بمواقفي السياسية. هذا كان تركيزي ولم أكن أهتم أبدا لما يقال في حقي، لأن همي الأساسي كان تحقيق الإنجازات والإصلاحات.
ولكن للأسف، العقلية الموجودة أوصلتني إلى مكان تعبت فيه أن أقول اني لم أستطع أن أنجز، لذلك قررت تعليق العمل السياسي. وربما اكتشف اليوم الناس ما الذي كنت أتعرض له من محاولات تخوين أو اتهامات تطلق جزافا بحقي».
وأضاف: «لو بقيت في العمل السياسي كنت سأكون مضطرا لأفاوض من جديد وأقوم بالتسويات وأتحملها أنا وحدي، وفي النهاية تقع علي كل المسؤولية. أما اليوم فالجميع يقول أنه يحب سعد الحريري؛ لذلك قررت أن أبتعد وأترك الناس ترى الحقيقة».
ولفت الرئيس الحريري إلى أن «تيار المستقبل بقي منكفئا خلال السنتين الماضيتين، أما الآن فسنكثف عملنا أكثر، ليس في الأمور السياسية، وإنما نؤكد أن محاولة التضييق على المحسوبين على تيار المستقبل في الدولة وغير الدولة فلن نسكت عنها مطلقا».
وشدد على «أننا سنقف في وجه كل من يتجه نحو التطرف، فهذا من المحرمات لدينا»، وقال: «الاعتدال هو الأساس، وبالاعتدال يمكنك أن تدير بلد، أما بالتطرف الذي نراه فلا يمكن أن نصل إلى أي مكان.
كل منهم يعتقد أن موقفه المتطرف هو الصائب فقط، وخير دليل على هذا التطرف هو ما نراه في الحكومة الإسرائيلية، وهو ما أدى إلى ما تقوم به من مجازر وقتل للأطفال والأبرياء».
وختم الرئيس الحريري: «أنتم تيار الاعتدال، وهذا ليس ضعفا، وتيار المستقل لن يسمح بأي نوع من أنواع التطرف، بل تطرفنا هو للاعتدال وللبنان فقط لا غير، ومن هنا التمسك بشعار لبنان أولا، وأنا أعتمد عليكم من أجل بناء مستقبل لبنان المزدهر».