كلما أقبل رمضان اشتدت الحركة وازدحمت الشوارع والأسواق، وتسابق الناس وكثرت العروض والإعلانات. رمضان شهر بركة ورحمة وتحقيق للعبودية، شهر أداء فريضة هي أحد أركان الإسلام الخمسة، شهر تهذيب للنفس ورجاء الله العفو والعتق من النيران.
في هذا الشهر الفضيل، الذي سرعان ما ينقضي، تجتمع الأسر على مائدة الإفطار، وتدعو بدوام النعم والعافية، وفيه قيم التواصل والتراحم. ومن طيبات الدنيا وفضل الله ما نجده في أطباقه الخاصة وأوانيه الجميلة ولمساته المميزة، ما يجعلنا نعيش أجواءه «المادية» الخاصة ونتشارك ونستمتع، ونحمد الله.
لكن لماذا كثرت، بل طغت، الماديات عليه حتى سلبته روحانيته، وتحول إلى شهر يناقض حقيقته؟!
في كل عام تزداد المطالب، الدنيوية مع الأسف لا الأخروية، وصار رمضان شهر المسلسلات والسهرات، والألبسة والزينة، والمسابقات! بل تحول الأمر إلى تنافس، مع ارتفاع غير معقول للأسعار، وشراهة منفلتة للاستعراض.
رمضان ليس شهرا للانقطاع عن الناس والاقتصار على الصلاة والصيام، بل هو شهر صلة وإحسان، رمضان شهر تجديد الــــعهد مع الله، التوبة مما ســــلف، شهر إكرام الأسرة والجـــيران، البدايات الجديدة لكل خير والطمع في فضل الله.
وجد التسويق طريقه باسم هذا الشهر، فكان على حساب فضله وتحول شهر الصيام والطاعة والآداب إلى تبذير ومظاهر، وسهر ومحافل، وانشغال بالمتع وتضييع للأوقات والطاقة.
رمضان هذا العام مختلف، فقد أنهك الطغيان أشقاءنا، في أحداث لم يشهد التاريخ بشاعة مثلها!
فكيف لنا أن ننكب هذا الانكـــباب على الدنيا وزينتها، وننـــسى العبادة وشكر النعمة والإحـــساس بإخواننا المسلمين؟!
علينا ألا نقبل بتحول هذا الشهر الجميل الذي يضم كل الخيرات والفضائل إلى شهر مادي يستغفلنا، ويشجع سوء نفوسنا فننشغل ببهرجته الزائفة! كم من فقيد غيبه الموت فلم يدرك رمضان هذا العام؟
نسأل الله تعالى أن يعيننا وإياكم على الطاعة ويتقبل منا ومنكم.
[email protected]