بيروت ـ خلدون قواص
أكد مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان ان لبنان لا يمكن أن يخرج من أزماته إلا بإنجاز الاستحقاق الرئاسي فهو الأولوية المطلقة لإجراء انتخاب رئيس للجمهورية، وقال في رسالة حلول شهر رمضان المبارك: لبنان في دائرة الخطر، والسبب الأول هو الشغور الرئاسي، فانتخاب رئيس، هو الخطوة الأولى نحو بناء الدولة، والطريق الصحيح القويم، في تفعيل عمل مؤسسات الدولة المترهلة، ومهما اختلفت الرؤى السياسية علينا بالتوافق والتعاون والمحافظة على وحدتنا الوطنية للاستقرار والاستمرار في وطننا، الذي هو بحاجة إلينا جميعا لحسن إدارة البلد بهمة أبنائه، فلبنان لا يعيش إلا بجناحيه، المسلم والمسيحي، ولا نرضى إلا بالمساواة التي نص عليها اتفاق الطائف، ولا يساس لبنان بمنطق الرابح والخاسر، أو القوي على الضعيف، بل كلنا أقوياء بكلمة الحق، ومنتصرون لوطننا ولشعبنا.
وأضاف: من دار الفتوى، دار المسلمين واللبنانيين، نطالب الجميع بالتعالي والتنازلات المتبادلة، وتغليب المصلحة الوطنية العليا على ما دونها، لإنقاذ لبنان، وإلا الفوضى وشريعة الغاب، هما البديل إذا استمرت القوى السياسية بالتصلب والتعنت، علينا أن نتعاون مع الجهود الطيبة، والمساعي الخيرة، التي تقوم بها اللجنة الخماسية، في مساعدتنا لحل أولى أزماتنا، وهي انتخاب رئيس جامع، وتشكيل حكومة فاعلة، والبدء بالإصلاحات، ومعركة إنهاء الفساد المستشري، ولا خلاص للبنان، إلا بصدق النية والعزيمة والإرادة، والعمل الجدي، في ترتيب أولوياتنا، كي لا نقع في فخ المحظور الذي بانتظارنا، إذا لم نسارع إلى اتخاذ خطوات تريح وطننا من المعاناة التي نعيشها.
وتابع: يحضر شهر رمضان هذا العام، فنتذكر آلام إخواننا كما نتذكر آلامنا نحن. وهي حاضرة لا تخفى على أحد إلا على سياسيينا ورجال المال والأعمال عندنا. منذ سنوات ما يزال السياسيون يمضغون الكلام بشأن جريمة المرفأ، واحتجاز أموال الناس في المصارف، والمؤسسات متهالكة، والهجرات متوالية، كأنما الوطن ينتهي، وتنتهي عهوده بالعزة والرفعة والمنعة والتقدم. إن أول الأمراض التي أصابتنا مرض فقدان المحاسبة. يستطيع كل أحد أن يفعل ما يشاء، ويظل آمنا وماضيا في عبثه، كأنما هو غير مسؤول أمام الله وأمام الناس.
وختم: ما بدأت تحديات العيش والنظام في لبنان بحرب غزة. لكنها تعاظمت بعشرات القتلى، وبتهجير الناس من الجنوب اللبناني. لقد ظننا أن القرار الدولي رقم 1701 سيحمي لبنان، لكن ذلك لم يكن صحيحا لأن العدو الصهيوني لا يلتزمه، ويخالف كل القرارات الدولية بعدوانه على لبنان، ويقتل أبناءنا، ويدمر بيوتنا، فالاعتداء على أي منطقة في لبنان، هو اعتداء على كل لبنان، لا نفرق ولا نميز بين منطقة وأخرى، وما يحصل من عدوان على الجنوب، هو برسم صناع القرار في المجتمع الدولي، ولا حل للقضية الفلسطينية إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة الحرة، وعاصمتها القدس الشريف.
إننا نناشد المجتمع العربي والدولي، وبخاصة جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومجلس الأمن، وضع حد نهائي لمأساة الشعب الفلسطيني، وردع العدوان الصهيوني الذي يشن على أهل غزة وفلسطين وجنوب لبنان.