شهد قطاع غزة أمس المزيد من الغارات الجوية الاسرائيلية والمعارك الشرسة بين جيش الاحتلال ومقاومين فلسطينيين، في وقت أعادت حكومة بنيامين نتنياهو فتح الباب أمام مباحثات مع الحليف الأميركي بشأن هجوم بري محتمل على رفح.
وفي ظل الأزمة الإنسانية الكارثية الناجمة عن الحصار وتدمير البنية التحتية في القطاع البالغ عدد سكانه 2.4 مليون نسمة، تكرر الأمم المتحدة تحذيرها من المجاعة وانهيار النظام الصحي «بسبب استمرار الأعمال العدائية والقيود المفروضة على الوصول» إلى مختلف المناطق.
وقالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا) إن الوقت يمضي بسرعة نحو المجاعة في قطاع غزة.
وأكدت «الأونروا» أن قوافلها الغذائية تمنع من الوصول إلى الشمال، حيث المجاعة وشيكة والوقت ينفد ويجب رفع القيود الآن.
من جهته، قال الناطق باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) جيمس إلدر «المساعدات الغذائية تنزل عادة بالمظلات عندما يكون الناس معزولين، على مسافة مئات الكيلومترات. ولكن هنا، المساعدة التي نحتاج إليها لا تكاد تبعد بضعة كيلومترات. لذلك علينا استخدام الطرق البرية!».
ميدانيا، أعلنت وزارة الصحة في حماس أمس سقوط العشرات في ضربات إسرائيلية، وقالت إن 62 قتيلا و91 جريحا على الأقل وصلوا إلى المستشفيات جراء القصف والغارات المتواصلة في الشمال على مدينة غزة ومخيم جباليا وبيت لاهيا ومخيم البريج وحي الزيتون وفي الوسط في الزوايدة وفي الجنوب في خان يونس ورفح، حيث تتعرض كذلك خيام النازحين للقصف. كما حصل مساء أمس الأول في مخيم الصلاح برفح اذ قتل طفلان وامرأة ورجل وفق وزارة الصحة في غارة جوية ضربت خيمتين.
وقال الاعلام الحكومي التابع لحماس إن «الاحتلال يواصل عملية الاقتحام في مجمع ناصر الطبي ويحاصر مستشفى الأمل» وكلاهما في خان يونس، ويواصل «عملية اقتحام مجمع الشفاء الطبي ومحيطه».
وأكدت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ان آلاف المدنيين يحتمون في مجمع ناصر وهو الأكبر في جنوب القطاع.
وأعلن الجيش الإسرائيلي مواصلة عملياته في مجمع الشفاء الطبي والأحياء المحيطة به في مدينة غزة ومنطقة الأمل، حيث صار مستشفى الأمل خارج الخدمة وفي منطقة القرارة في خان يونس.
وقالت مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيزي إنها تلقت «تهديدات» بعدما أكدت في تقرير أن «ثمة أسبابا منطقية» تدفع إلى القول إن اسرائيل ارتكبت «أعمال إبادة» في حالات كثيرة.
وعبرت دول عدة غالبيتها عربية ومسلمة وأميركية لاتينية عن دعمها للمقررة الخاصة.
بموازاة ذلك، لم يسجل تقدم في المفاوضات الرامية للتوصل إلى هدنة تترافق مع الإفراج عن رهائن إسرائيليين محتجزين في قطاع غزة في مقابل معتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وأغضب صدور قرار ملزم من مجلس الأمن الدولي يطالب «بوقف فوري لإطلاق النار» وإطلاق سراح الرهائن نتنياهو الذي ألغى زيارة مقررة لوفد إسرائيلي إلى واشنطن. لكنه عاد ووافق على إرساله وفق المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار التي قالت إن العمل جار لتحديد موعد.وتعتزم واشنطن عرض خطة بديلة للهجوم على رفح تركز على ضرب أهداف لحماس مع الحد من الخسائر في صفوف المدنيين.
وبموازاة ذلك، تحدثت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) عن مواجهات في بلدات عدة في الضفة الغربية المحتلة، فيما أصيب ثلاثة أشخاص في إطلاق نار على مركبات بينها حافلة مدرسية إسرائيلية قرب أريحا.
وفي هذه الأثناء، أعلنت مسؤولة في وزارة الخارجية الأميركية أنها قررت الاستقالة من منصبها الحكومي احتجاجا على سياسة بلادها تجاه حرب الكيان الاسرائيلي المحتل على قطاع غزة.
وقالت أنيل شيلين التي عملت منذ العام الماضي في مجال حقوق الإنسان مسؤولة في مكتب شؤون الشرق الأدنى التابع لوزارة الخارجية الأميركية في مقال على شبكة (سي ان ان) نشر أمس الأول: «كممثلة لحكومة تعمل بشكل مباشر على تمكين ما قالت محكمة العدل الدولية إنه يمكن أن يكون إبادة جماعية في غزة فقد أصبح هذا العمل الحكومي شبه مستحيل». وأضافت «نظرا لعدم قدرتي على خدمة إدارة تسمح بمثل هذه الفظائع فقد قررت الاستقالة من منصبي في وزارة الخارجية».
وحذرت من أن «المصداقية التي كانت تتمتع بها الولايات المتحدة كمدافعة عن حقوق الإنسان تلاشت بالكامل تقريبا منذ بدء الحرب».
وتعتبر هذه الاستقالة هي الثانية لمسؤول في وزارة الخارجية الأميركية احتجاجا على دعم واشنطن للحرب في غزة، حيث استقال في أكتوبر الماضي مدير شؤون الكونغرس والشؤون العامة في مكتب الشؤون السياسية العسكرية بالوزارة جوش بول.