من المعلوم أن للبيئة المحيطة بالفرد تأثيرا عميقا في شخصيته، وأيضــا في مسيرة حياته، ولا يمكننا فصل الإنسان عــن بـــيئته إلا في حالة وجود خـلـــل مــا في تـــوازن الأنظمة البــيئية من حـــوله، الأمـــر الذي يؤدي بدوره إلى صعوبة الحــياة بهذا النظام البيئي الملوث اجتماعيا أو صناعيا أو ماليا.
ومثال على ذلك، كارثة التسرب الاشعاعي الناجم عن انفجار قلب مفاعل محطة تشرنوبل النووية عام 1986، حيث قامت سلطات الاتحاد السوفييتي السابق بإخلاء شامل لجميع السكان بهذه المنطقة، وإلى اليوم لم يعودوا لديارهم بسبب النشاط الاشعاعي بهذه المنطقة المنكوبة.
ومما لا شك فيه فإن العامل الأمني القوي له القدرة الكبيرة في استدامة الاستقرار المحلي، أما الجانب السياسي فإنه يمثل أسوار القلعة او المظلة المناسبة التي يعمل بها الجانب الأمني.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، نجد أن المحاربين الاسبرطيين اشتهروا بالشجاعة والقوة الخارقة، ولم يستطع احد هزيمتهم من ممالك الجوار، وقد احتلوا اليونان العامرة بالحضارة والفن والأدب والتجارة الدولية، إلا أن قادة اليونان رفضوا تسليم الدولة لهم، فانغمس المقاتلون الاسبرطيون الشرسون في الترف والبذخ والخمر والفن الذي تعيشه اليونان، فتغير محيطهم البيئي فضعفت قوة دولتهم ثم تفرق جيــشهم وانهارت دولتهم وانتصرت اليونان عليهم من دون سلاح.
أي أن الترف والترفيه غير المألوفين بالنسبة لمقاتلي اسبرطة جعلهم يعيدون حساباتهم من جديد على أعمارهم الضائعة التي أفنوها في المعارك، اذ كانت حياتهم مبنية على الحروب المستدامة.
ولو نظرنا إلى محيطنا الاقليمي أو الدولي لوجدنا أن الأخطار التي تهدد نظام بيئتنا متعددة وجسيمة، فالوضع السياسي الدولي متوتر جدا الآن وربما يصل هذا الوضع إلى صدام عسكري نووي مخيف بين القوى العظمى، وهذا الصدام قد يدمر الكوكب برمته.
ويبدو انه في غياب الاستعدادات اللازمة لهذا الاحتمال مثل رص الصفوف، وتفعيل منظومة الأمن الغذائي بأقصى طاقتها، وتطبيق محاكاة خطة الطوارئ الوطنية، واعداد منظومة الاتصالات الخاصة بالطوارئ، وبناء الملاجئ الخاصة على غرار الملاجئ الريفية في روسيا وأميركا..الخ، وكل ذلك يصب في مصلحة الحفاظ على توازن محيطنا البيئي الحالي والذي بدوره سينعكس ايجابا على خطة البقاء على قيد الحياة.
وأتمنى أن نرى قريبا مبادرات من الجهات المعنية للبدء باتخاذ الاستعدادات اللازمة في هذا الاتجاه قبل أن نفقد التوازن البيئي في محيطنا الحالي الجميل.