بيروت ـ جويل رياشي
بعد «فوز» لبنان بلقب لا يحسد عليه للعام الثاني على التوالي مفاده ان اللبنانيين هم ثاني أكثر الشعوب تعاسة في العالم بعد الأفغان، وانتشار التعليقات الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي والبرامج الفكاهية، تعيد «الأنباء» تسليط الضوء على الموضوع من خلال رصد بعض الآراء عن مدى استحقاق لبنان اللقب.
وفي التفاصيل، وبحسب تقرير «السعادة العالمية» الذي ترعاه الأمم المتحدة ونشر قبل أسبوعين، يحتل لبنان، بحصوله على 2.707 من 10، المركز 142 في التصنيف، خلف ليسوتو (3.186) ومتقدما بقليل على أفغانستان (1.721)، الذي يقع في قبضة كارثة إنسانية منذ عودة طالبان إلى السلطة في العام 2020. اما فنلندا فتعزز مكانتها كأسعد دولة في العالم للسنة السابعة تواليا.
ويذكر ان «تقرير السعادة العالمية» هو مقياس للسعادة تنشره شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة سنويا منذ العام 2012. ويعتمد على تقييم الناس لسعادتهم، بالإضافة إلى البيانات الاقتصادية والاجتماعية. ويأخذ التقرير في الاعتبار ستة عوامل رئيسية: الدعم الاجتماعي، الدخل، الصحة، الحرية، الكرم، وغياب الفساد.
ويذكر ايضا انه للمرة الأولى منذ أكثر من 10 سنوات، لم تظهر الولايات المتحدة وألمانيا ضمن الدول العشرين الأكثر سعادة، حيث جاءتا في المركزين 23 و24.
«الأنباء» سألت بعض المواطنين اللبنانيين من مختلف الطبقات الاجتماعية عما إذا كانوا سعداء او تعساء وكانت الردود متفاوتة.
وفي هذا الإطار، يقول حسن صفا (59 سنة) وهو موظف في احدى المنظمات الدولية في بيروت انه عندما قرأ العنوان في أحد مواقع التواصل الاجتماعي لم يتفاجأ «لأنني اعرف مدى البؤس الذي يعيشه جزء كبير من اللبنانيين. اعرف لبنانيين براداتهم فارغة. فمن أين ستأتي السعادة بالنسبة لهؤلاء؟». ويشير من جهة اخرى إلى ان «لبنان هو حقا بلد التناقضات. ترى مواطنين تحت خط الفقر يعيشون على المساعدات في حين ان المطاعم والشاليهات وأماكن السهر مكتظة، وربما هذا ما يخلق التعاسة عند البعض والشعور بالإحباط».
من جهته، يشعر عفيف ش. (57 سنة) بالتعاسة جراء ضياع جنى العمر من مدخراته بالعملة الاجنبية في المصرف. «كان معي مئات ألوف الدولارات، وبين ليلة وضحاها تبخر كل شيء. وتحولت وديعتي إلى لولار، اي تم مزج دولاراتي بالليرة اللبنانية التي انهارت وباتت بلا قيمة. واجد نفسي مضطرا للبداية من جديد، بعد اعوام طويلة من مزاولتي مهنة المحاماة، التي اعطتني الكثير. الا ان غياب ميزان العدل الاجتماعي ومحاسبة المرتكبين، اوقع بالأوادم وجعلهم ضحايا، لا بل شهداء احياء».
اما ريشار كنيهر (42 سنة) الذي يعمل على حسابه في مجالات عدة فيرى ان «اللبنانيين تعساء بالتأكيد، ولكن لا اظن اننا من أتعس البلدان. لدينا كل الاسباب لذلك: حرب في الجنوب، انهيار اقتصادي، عدم استقرار... الناس ليست مرتاحة وبإمكانك ان ترى ذلك على وجوههم عندما تلتقي بهم. منذ 5 سنوات، لم نعرف معنى الاستقرار وهذا وحده كفيل بجرنا نحو التعاسة. وليس صحيحا ان المطاعم المكتظة دليل عافية، لأنه يكفي ان يكون 10% من الناس مقتدرين حتى تمتلئ المطاعم». ولكنه يرى انه رغم كل ذلك «الناس لا زالت تسلم على بعضها على الطرقات والبسمة على الوجوه، وتحتفل بالأعياد بفرح، وتحب الجمعات العائلية ولقاءات الأصدقاء... لذلك لا أظن اننا ثاني أتعس بلد في العالم».
ويقول الشاب العشريني علاء ب. عندما يسأل عن مشاريعه المستقبلية «نحنا بلبنان مش عايشين، كيف بدنا نخطط للمستقبل او لارتباط او زواج؟».
من جهتها، تعترف الزميلة الصحافية سميرة اوشانا ان «اللبناني لديه خبرة في التأقلم مع المآسي والاحداث ويعرف كيف يتنعم بالإيجابيات في لبنان، لاسيما الحياة الاجتماعية والعائلية ووسائل الترفيه والتنزه مهما كانت بسيطة. يعرف كيف يتغلب على مشاكله المتنوعة بالتمويه عن نفسه وتحقيق مشاريع «على قدو». الحياة الاجتماعية الغنية لاتزال تميز لبنان وهي ما يساعد على مواجهة المشاكل الاقتصادية والأمنية وعدم الاستقرار... وكذلك يستمد المواطن اللبناني طاقته الإيجابية من مناخ لبنان الصحي الذي يساعد في ممارسة الرياضة في الهواء الطلق».