تكثفت الجهود الديبلوماسية لتجنب تداعيات الهجوم الايراني غير المسبوق على اسرائيل، ومحاولة ثني الأخيرة عن الرد أو أقله تقليص حجمه ونطاقه، مع تصاعد دعوات ضبط النفس من جميع أنحاء العالم، لتجنب اتساع رقعة الحرب المستعرة في قطاع غزة، فيما وصل الجانبان تبادل التهديد والوعيد.
وإذ أكدت إسرائيل «إحباط» الهجوم الكبير الذي جاء انتقاما لقصف القنصلية في دمشق، تعهد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال هيرتسي هاليفي بأن بلاده «سترد على إطلاق هذا العدد الكبير جدا من الصواريخ وصواريخ كروز والمسيرات على أراضي اسرائيل»، بينما قال المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي دانيال هغاري لصحافيين في قاعدة جولس العسكرية بينما كان يعرض بقايا صاروخ إيراني تم اعتراضه «لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذا النوع من العدوان، إيران لن تنجو من العقاب».
وأضاف هغاري أنه بينما كان العالم يتحدث عن «التهديد النووي من إيران» كانت طهران «تبني تهديدا تقليديا في مسعى إلى خلق حلقة من النار في إسرائيل».
خطأ إستراتيجي
في المقابل، حذر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قائلا «نعلن بكل حزم أن أصغر عمل ضد مصالح طهران سيقابل برد هائل واسع ومؤلم ضد جميع مرتكبيه»، وذلك خلال اتصال مع أمير قطر صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وفق الرئاسة الإيرانية.
وأضاف وفق ما نقل بيان للرئاسة الإيرانية «خلافا للنص الصريح للقوانين الدولية، لم تقم الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالحد الأدنى من واجباتهما القانونية في إدانة الهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق.. من هذا المنطلق قامت إيران بتصميم وتنفيذ عملية ضد نفس المراكز التي تصرفت ضدنا تماشيا مع ممارسة حقها الأصيل في الدفاع عن النفس بموجب» ميثاق الأمم المتحدة.
بدوره، قال نائب وزير الخارجية الإيراني علي باقري إن «الصهاينة عليهم ألا يعالجوا خطأهم الاستراتيجي بخطأ استراتيجي ثان، لأنهم لو كرروا خطأهم الاستراتيجي فعليهم أن ينتظروا تلقي ضربة أقوى وأقسى وأسرع، وهذه المرة لن يمهلوا 12 يوما ولن يكون المقياس باليوم والساعات بل بالثواني».
ومع ان العديد من دول العالم أدانت الهجوم الإيراني، الا أن غالبية الأطراف، بمن فيهم حلفاء لإسرائيل، دعوها إلى تجنب رد فعل واسع قد يؤدي إلى زيادة تأجيج منطقة الشرق الأوسط التي أصبحت بالفعل «على حافة الهاوية»، بحسب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. وقالت القناة الـ12 الإسرائيلية، إن «الولايات المتحدة ودول أخرى تضغط على إسرائيل ليكون ردها مدروسا ومحدودا أو ألا ترد أبدا».
أجندة حرب
وانضمت اليابان للداعين إلى ضبط النفس وعبرت عن قلقها من «الهجمات الإيرانية التي تؤدي إلى مزيد من تدهور الوضع في الشرق الأوسط»، وحثت طهران على «ضبط النفس».
ورأت وزيرة الخارجية اليابانية يوكو كاميكاوا أن «الوضع الراهن ليس في صالح المجتمع الدولي ككل، بما فيه اليابان، ولا في صالح إيران والشعب الإيراني».
من جهته، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إنه يجب منع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو «من فرض أجندة حرب على المنطقة وصرف الأنظار عما يحدث في غزة»، مشيرا إلى أن الأردن لا يريد مزيدا من التصعيد في المنطقة، و«لن يكون ساحة لأي صراع أو حرب إقليمية».
وأضاف الصفدي -في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرته الألمانية أنالينا بيربوك قبل توجهها إلى اسرائيل- أن التصعيد خطر على الجميع، ووقفه يتطلب وقف أسباب التوتر، والخطوة الأولى في خفض التصعيد هي وقف العدوان على غزة، لافتا إلى أن المساعدات إلى القطاع في حدها الأدنى ولا تلبي الاحتياج.
بدورها، دعت بيربوك الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات جديدة على تكنولوجيا المسيرات الإيرانية عقب استخدامها في الهجوم على اسرائيل.
وقالت بيربوك«سعيت أواخر الخريف مع فرنسا وشركاء آخرين داخل الاتحاد الأوروبي من أجل توسيع نظام العقوبات على المسيرات بشكل أكبر» ليشمل أنواعا جديدة من المعدات التي تستخدمها طهران وحلفاؤها.
هجوم نووي
إلى ذلك، أعرب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي عن «قلقه» من احتمال استهداف إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية ردا على هجوم طهران على الدولة العبرية، مؤكدا أن هذه المنشآت أغلقت الأحد.
وردا على سؤال بشأن شن إسرائيل ضربة انتقامية تطول المنشآت النووية الإيرانية، قال غروسي في مؤتمر صحافي «نحن قلقون من هذا الاحتمال»، مضيفا «ما يمكنني أن أقوله لكم هو أن الحكومة الإيرانية أبلغت مفتشينا في إيران بأن كل المنشآت النووية التي نقوم بتفتيشها يوميا، ستبقى مغلقة لاعتبارات أمنية». وأضاف «قررت عدم السماح للمفتشين بالعودة إلى أن نرى أن الوضع هادئ تماما».
ودعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المجتمع الدولي إلى «البقاء موحدا» في مواجهة «العدوان الإيراني الذي يهدد السلام العالمي».
وعلى الرغم من تأكيد الولايات المتحدة وقوفها إلى جانب إسرائيل ودعمها «الثابت» لها، قال الرئيس الأميركي جو بايدن «دحرنا هذا الهجوم» الإيراني، داعيا إسرائيل إلى تجنب تصعيد في المنطقة والعمل على «وقف لإطلاق النار» مرتبط بالإفراج عن المحتجزين في قطاع غزة.
وفي السياق، تبادل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان وغوتيريش وجهات النظر بشأن العملية العسكرية الانتقامية الإيرانية، بحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية الإيرانية أمس.
وقال عبداللهيان إنها جاءت في إطار الحق المشروع للدفاع عن النفس وفي إطار القانون الدولي. وأضاف أنه رغم قدرة إيران على تنفيذ عملية على نطاق أوسع، إلا أنها استهدفت فقط المواقع العسكرية التي نفذت منها إسرائيل الهجوم المميت على القنصلية الإيرانية في سورية.