امتدت دائرة التوتر من أصفهان وسط ايران إلى بابل وسط العراق، فضلا عن سورية التي تلقت بدورها قصفا بات روتينيا من إسرائيل التي تواصل حربها بلا هوادة على قطاع غزة منذ أكثر من ستة اشهر، وكل ذلك عزز المخاوف من شبح حرب شاملة التوتر في الشرق الاوسط، يسعى المجتمع الدولي لتجنبها داعيا لضبط النفس من جميع الأطراف.
فقد أعلنت السلطات العراقية أن «انفجارا وحريقا» داخل قاعدة كالسو العسكرية أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، بينما تحدث مسؤولون أمنيون عن «قصف» استهدف الموقع الذي يؤوي قوات الجيش والشرطة وعناصر ميليشيا الحشد الشعبي المدعومين من ايران وتم دمجهم الآن في القوات العراقية النظامية.
وردا على سؤال لوكالة فرانس برس، لم يتمكن مسؤول عسكري وآخر في وزارة الداخلية، من تحديد الجهة التي تقف وراء «القصف» الجوي للقاعدة الواقعة في محافظة بابل.
وقالت خلية الإعلام التابعة لقوات الأمن العراقية في بيان أمس، إنه «حدث انفجار وحريق داخل معسكر كالسو» بعد منتصف ليل الجمعة. وأوضحت أن ذلك أدى إلى مقتل أحد منتسبي الحشد وإصابة ثمانية آخرين بينهم منتسب من الجيش العراقي، بجروح متوسطة وطفيفة. وأكد البيان «عدم وجود أي طائرة مسيرة او مقاتلة في أجواء بابل قبل وأثناء الانفجار».
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مسؤول أمني عراقي، طلب عدم كشف هويته، أن الضربة استهدفت «مقر الدروع التابعة للحشد الشعبي»، مشيرا إلى أن «الانفجار طال العتاد والأسلحة من السلاح الثقيل والمدرعات».
وتوعدت هيئة الحشد الذي نفذت فصائله هجمات في العراق وسورية ضد الجنود الأميركيين المنتشرين في إطار التحالف الدولي المناهض لـ«داعش» بالرد على الهجوم.
وأكد القيادي فيما يسمى «المقاومة الإسلامية» أبو آلاء الولائي أنه «سيتم الرد على من يقف خلف هذا الاعتداء الآثم على موقع الحشد الشعبي كائنا من يكون».
وأعلنت القيادة العسكرية المركزية الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم) من جهتها، أن الولايات المتحدة «لم تنفذ ضربات» في العراق الجمعة.
وقبل القصف على بابل بساعات، دوت انفجارات في مدينة اصفهان التي تضم قواعد عسكرية ومفاعل نطنز النووي، لكن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان قلل من أهمية الهجوم الذي نسب إلى إسرائيل كرد على الهجوم الايراني غير المسبوق على اسرائيل في 13 ابريل.
وأفادت وسائل إعلام رسمية إيرانية عن سماع دوي انفجارات بالقرب من قاعدة عسكرية في أصفهان فجر الجمعة، بعدما «نجح نظام الدفاع الجوي» الإيراني في إسقاط «عدة» مسيرات.
ونقلت وسائل إعلام أميركية عن مسؤولين أميركيين قولهم إن إسرائيل شنت ضربة على إيران ردا على الهجوم الإيراني.
وأضاف عبداللهيان في مقابلة مع شبكة «ان بي سي» الأميركية، إن «ما حدث لم يكن هجوما». وأضاف أن الأمر كان عبارة عن «طائرتين أو ثلاث طائرات بدون طيار، تلك التي يلعب بها الأطفال في إيران».
وتابع «طالما أنه لا توجد مغامرة جديدة من قبل النظام الإسرائيلي ضد مصالح إيران، فلن نرد».
وفيما رفض الجيش الاسرائيلي التعليق على تفجيرات اصفهان، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية عن مسؤول إسرائيلي، طلب عدم كشف اسمه، قوله إن الضربة جاءت ردا على هجوم 13 ابريل لإظهار أن إسرائيل قادرة على الضرب في عمق ايران.
ونقلت شبكتا «إن بي سي» و«سي إن إن» عن مصادر قريبة من الملف وعن مسؤول أميركي، قولهم إن إسرائيل أبلغت واشنطن مسبقا بالضربة التي «لم توافق عليها (الولايات المتحدة) ولم تشارك في تنفيذها».
ودعا المجتمع الدولي جميع الأطراف إلى ضبط النفس، ونقل ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عنه قوله «لقد حان الوقت لوقف دوامة الأعمال الانتقامية الخطيرة في الشرق الأوسط».
كما أكد مساعد المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان أن التصعيد في الشرق الأوسط «لا يصب في مصلحة أحد وسيؤدي فقط إلى زيادة انعدام الاستقرار وانعدام الأمن» في المنطقة.
ودعا وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني الذي استضاف اجتماعا لنظرائه في مجموعة السبع، إلى «وقف التصعيد» في الشرق الأوسط.
ورأت ميريسا كورما، مديرة برنامج الشرق الأوسط في مركز «ويلسون سنتر» الأميركي للدراسات، أن الهجوم الإيراني غير المسبوق بالصواريخ والمسيرات على إسرائيل والضربة المنسوبة إلى إسرائيل في إيران شكلا «منعطفا حقيقا لأنهما بدلا تماما قواعد الاشتباك بين الخصمين». وتابعت أن هذه التطورات «أججت أيضا التوتر في المنطقة برمتها».
ورأى أليكس فاتانكا، مدير برنامج إيران في منظمة «معهد الشرق الأوسط» غير الحكومية، أن إسرائيل درست بالتأكيد عواقب قصفها القنصلية الايرانية في دمشق، والتي ردت عليها ايران بهجوم بالمسيرات والصواريخ.
واعتبر أن إسرائيل أرادت إرغام إيران، على مراجعة إستراتيجية ما تعتبرها طهران «محور المقاومة» التي تعتمدها والقاضية بنشر مجموعات مسلحة موالية لها ويمكنها تعبئتها في جميع أنحاء المنطقة، من العراق إلى لبنان مرورا بسورية واليمن.
وقال فاتانكا «إنه نموذج في غاية البساطة، حيث إن إيران تقاتل خصومها في المنطقة من دون أن تضطر إلى خوض معارك معهم داخل الأراضي الإيرانية».
وتابع أن «هذه الحسابات البديهية تواجه اختبارا بسبب ما قام به الإسرائيليون، وبصورة متعمدة بالتأكيد».
وقال علي واعظي، مدير برنامج إيران في مجموعة الأزمات الدولية، إن «إسرائيل أرادت أن تظهر لإيران ما يمكنها القيام به من دون أن تقوم به فعليا».