قد تمر علينا عقود من الزمن ونحن لا نعرف أننا مغمورون بثقافة لا تمت لنا بصلة ونحن نعمل بمفاهيمها دون أن نعي أو ننتبه لتغير سلوكنا، وهذا الغزو يستهدف النظام الاجتماعي والفكري والديني واللغة التي غالبا ما تكون هجينا بين اللغة العربية ولغة الثقافة الغازية، فإما يتجه التأثير نحو الأفضل أو نحو الأسوأ بناء على المصلحة السياسية.
وهناك ثلاثة أنواع من الثقافة، وهي الثقافة الدائمة والثقافة الدخيلة وثقافة المهجر.
والثقافة الدائمة تعني الثقافة المستمدة من الحضارة، والحضارة العربية تستمد ثقافتها من الإرث الإسلامي.
أما الثقافة الدخيلة فهي مرتبطة بالقوى السياسية العالمية المهيمنة على المنطقة، ولعل أبرزها ثقافة السجائر والوجبات السريعة fast food، علما بأنها، وكما هو معلوم لدى الجميع، مضرة بالصحة. وفي المقابل، نجد أن المطبخ العربي يزخر بالكثير من الوجبات الغذائية اللذيذة والصحية في الوقت نفسه.
أما ثقافة المهجر، فهي تخص العرب الذين تركوا أوطانهم بسبب الأوضاع السياسية المتدهورة واستقر بهم الحال في الغرب، وهؤلاء لن يصلح حالهم إلا بعد اندماجهم في الحضارة الغربية وربما يظلون محتفظين بعاداتهم وتقاليدهم، إلا أن الجيل الثالث لهم حتما سيذوب في الحضارة الغربية ويصبحون جزءا منها إلا ما قل.
وفي الوقت نفسه تشكل ثقافة المهجر فرصة ذهبية لنشر الثقافة العربية والإسلامية بكل أنواعها، مثل ثقافة المطبخ العربي وثقافة الإرث الأدبي الإسلامي كالأدب والشعر والفن والطب والإعجاز العلمي في القرآن وثقافة الصحراء، وقد يكون تبني هذا الاتجاه بمنزلة ورقة سياسية مهمة، خاصة عند غمسها بالدهاء العربي، ومن ثم تحويلها إلى سلاح يمكن استخدامه في الهجوم المعاكس ضد الثقافة الدخيلة علينا فيتقبلها الغرب بصدر رحب.
المخزون الثقافي العربي الإسلامي كبير جدا جدا ليس له نهاية في كل المجالات المتعلقة بالإنسانية وحياة الإنسان، وهذه الثقافة التي لا تزال في المخازن العربية الإسلامية ربما يعود إليها من تركها في دولنا العربية، وبالتالي تتحول في قناعاتهم إلى مصدر فخر واعتزاز، وربما يكونون داعمين لها لتصديرها إلى الخارج.