في قلب مدينة الأضواء، حيث تتراقص أشباح الماضي على نغمات الزمن الجميل، يعود أبطالنا الأشاوس في ملحمة «Ghostbusters: Frozen Empire» أو «صائدو الأشباح: الامبراطورية المتجمدة»، حاملين بين أيديهم حزم البروتون الأسطورية، ومرتدين بدلاتهم الخالدة التي تشع بروح الفريق الواحد، تلك الروح التي أضاءت شمعة الفيلم الأصلي عام 1984 وجعلت منه تحفة لاتزال تتردد أصداؤها بقاعات السينما.
ينسج الفيلم من خيوط الماضي ثوبا جديدا يحمل في طياته الشخصيات الأيقونية، فبيل موراي، دان أيكرويد، إيرني هدسون، والذين يعودون لينثروا البسمة بين الأرواح، مرتدين بدلاتهم التي لطالما كانت رمزا للمغامرة والبطولة. ففي هذه الرحلة الجديدة تعود الروح الأصيلة للمغامرة إلى مهدها الأول، مدينة نيويورك، حيث تنبض الشوارع بذكريات الأمجاد البائدة (هذه العودة بمنزلة لحن الوفاء لمحبي السلسلة)، فالمدينة ذاتها تعتبر شخصية رئيسية في سرد القصة، وللحظات قليلة نجد أنفسنا منجذبين إلى مطاردة أشباح يخرج منها عبق الحياة، تلك التي يحييها المخرج جيل كينان ببراعة، مستعيرا قلم جيسون ريتمان في كتابة سيناريو «Afterlife»، ليجسد النبض الحقيقي لعائلة «سبينغلر».
في هذه الفوضى الساحرة نلمح كالي (كاري كون) وغاري (بول رود) وهما يقودان سيارة Ecto-1، محملين بأمل الجيل الجديد المتمثل في تريفور (فين وولفارد) وفيبي (مكينا غريس)، متجهين نحو قلب الحدث، نيويورك، لإحياء إرث العائلة العريق، لكن البدايات الواعدة للأسف لا تكفل نهايات متميزة، فقد تحولت الرحلة إلى مسار متعرج، حيث بدأت القصة تفقد بريقها وتتخبط في مستنقع من الحبكات المتضخمة والمفتقرة إلى الإلهام، تلك الحبكات التي كانت يوما مصدرا للفكاهة والتشويق، فأصبحت تكاد تخلو من اللمسات الكوميدية التي تعتبر جوهر «صائدو الأشباح»، وفي ظل هذه التحديات يظل السؤال معلقا «كيف يمكن لهذا الفيلم أن يستعيد السحر الذي كان يميز سلفه الأصلي؟».
يترك «صائدو الأشباح: الامبراطورية المتجمدة» الجمهور معلقا بين الحنين إلى الماضي وحلم المستقبل الذي يمكن أن يكون أكثر إشراقا، فلربما في الأفلام القادمة يتمكن صانعوه من استخلاص الدروس واستعادة اللمعان الذي لطالما كان عنوانا لهذه السلسلة، لكن على الرغم من العثرات التي قد تعتري رحلة الفيلم الجديدة فإن الروابط التي تجمع بين الشخصيات الرئيسية والتراث العظيم الذي تحمله السلسلة تظل جوهرية وغير قابلة للكسر، حيث تتحد النكتة الذكية مع المؤثرات المبهرة لتخلق تلك السحرية الكلاسيكية التي تميز «صائدو الأشباح»، فالأشباح قد تتلاشى، إلا أن البطولات تظل خالدة في القلوب، تنتظر فقط من ينفض عنها غبار الزمن لتعود وتضيء شاشات السينما من جديد.
ربما في المستقبل، تجد «الامبراطورية المتجمدة» طريقها إلى القلوب بشكل أفضل، مستفيدة من التقنيات الحديثة والتطورات السردية التي تسمح بتعميق الشخصيات واستكشاف عوالم جديدة، وقد تستعيد القصص القادمة المغامرة والدهشة بروح جديدة، تجمع بين التقدير للماضي والرؤية المبتكرة للمستقبل، مما يسمح لـ «صائدو الأشباح» بالتحليق مجددا في سماء الخيال الشعبي.
في الختام.. يظل فيلم «صائدو الأشباح» مليئا بالسعادة ورمزا للمقاومة في وجه الظلام، معلما للأجيال الجديدة عن كيفية مواجهة الأرواح بقلب جريء وابتسامة عريضة، ربما الطريق إلى هذه النهاية المثالية مليء بالتحديات، لكن محبة الجماهير وإيمانهم بالسلسلة هما الوقود الذي يبقي آمالهم قائمة في انتظار الفصل التالي من هذا العالم المسحور، حيث يمكن للخيال أن ينتصر دائما على الواقع.