القاهرة - خديجة حمودة
أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، ضرورة استخدام الميكنة والوسائل العملية الحديثة لزيادة انتاجية الفدان من المحاصيل الزراعية المختلفة بالتوازي مع الاستفادة من نظم الري الحديثة لتقليل استهلاك المياه في المشروعات.
وقال الرئيس السيسي - في تعقيبه على كلمة رئيس شركة "مودرن فارمنج" للاستثمار الزراعى محمد جمال غريب خلال افتتاحه امس عبر تقنية الفيديو كونفرانس بمركز المنارة للمؤتمرات الدولية عددا من المشروعات التنموية بجنوب الوادي- إن الدولة تعمل على زيادة حجم الانتاج في المشروعات الزراعية ، مشيدا بنجاح الشركة في زيادة انتاجية الفدان من محصول القمح إلى 25 أردبا للفدان الواحد بزيادة 5 أرادب عن معدلات الانتاج العادية للفدان الواحد، موضحا أن حجم تلك الزيادة في مساحة تبلغ نصف مليون فدان تصل إلى 2.5 مليون أردب أي حوالي مليون طن قمح.
وأضاف أن تنفيذ الأعمال داخل مشروعات الخدمة الوطنية سواء في جنوب الوادي أو في "مستقبل مصر" لم تصل إلى 25 أردبا للفدان ، مبينا أن أى كمية فوق الـ 20 إردبا تعتبرا مكسبا لأنه يتم زراعتها في نفس الأرض والمياه وبذات الجهد.
وقال الرئيس السيسي، إن التكلفة المرتفعة للمشروعات الزراعية الحالية تعود بشكل أساسي إلى أنه يتم القيام بها دفعة واحدة وبشكل متكامل ، مشيرا في هذا الإطار إلى أن تنفيذ منطقة الدلتا وشبكتها الزراعية تم على مدار 150 أو 200 عام سواء من ناحية شق طرق أو توصيل شبكات الكهرباء وشق الترع والمصارف.
وشدد الرئيس السيسي على ضرورة الاهتمام بزيادة انتاجية الفدان من القمح ، مضيفا " أنه ليس من المقبول أن يتم زراعة مليون فدان للحصول منها على انتاجية بمقدار 2.5 مليون طن قمح في الوقت الذي استطيع فيه تحقيق انتاجية تبلغ 3.5 ملايين طن قمح، بدون زيادة في الأرض أو كميات المياه المستخدمة في الري أو العمالة" .
ووجه الرئيس السيسي وزارة الزراعة بضرورة الاهتمام بتجربة شركة "مودرن فارمنج" للاستثمار الزراعي ، داعيا إلى الاستفادة من تجربة الشركة في مشروعات بني سويف والمنيا والـ450 ألف فدان في سيناء .
كما دعا الرئيس السيسي، المستثمرين للمشاركة مع الدولة في تنفيذ المشروعات بما يحقق انتاجية أكبر بنفس كميات المياه المستخدمة للحصول على أكبر انتاجية من الفدان.
وأكد الرئيس السيسي، ضرورة الحفاظ على كميات المياه خلال الزراعة عن طريق استخدام أقل كمية مياه ممكنة لتوفير أكبر إنتاج للمحاصيل الزراعية، مشيرا إلى وجود نباتات تحتاج كميات قليلة جدا من المياه ولديها القدرة على تحمل درجات الحرارة والملوحة وطبيعة الأرض الصعبة.
وأردف الرئيس السيسي قائلا: "إن البعض قد يتساءل عن الفائدة من زراعة الجوجوبا أو التين الشوكي"، منبها إلى أنه لن يتم الاستفادة من هذه المنتجات بالشكل المطلوب إلا بتنفيذ الصناعات التكميلية الخاصة بها، مثل مصانع العصر والاستفادة من مشتقاتها والتي لها قيمة مالية كبيرة جدا لانها تدخل في صناعات كثيرة.
ولفت الرئيس السيسي إلى أن الهدف من تنفيذ محطات المعالجة الزراعية، سواء كانت في "المحسمة" و"بحر البقر" ومحطة الدلتا الجديدة، هو الاستفادة من المياه وعدم فقدها، مؤكدا أهمية استخدام التكنولوجيا والعلم في زراعة كميات كبيرة من المحاصيل عبر استخدام مياه أقل في الري.
وأكد أن محطات البحوث الخاصة بوزارة الزراعة لها نجاحات كبيرة جدا في مسألة البذور لكن هناك فارق بين الحديث عن نطاق 100 فدان وألف فدان ونطاق 200 أو 300 ألف فدان.
و قال الرئيس السيسي، تعقيبا على مداخلة لوزير الزراعة واستصلاح الأراضي،" لدينا 350 ألف فدان يتم زراعتها بالقصب في الصعيد،ل كن بنفس كمية المياه المستخدمة لري تلك المساحة أو نصفها يمكن زراعة مساحة بالبنجر تصل إلى 700 ألف فدان"، لافتا في هذا الإطار إلى أنه وجه بإجراء دراسات بهذا الشأن قبل سنوات.
وتساءل: هل ننتظر حدوث أزمة شح في المياه حتى نتحدث عن هذا الأمر ؟
وأكد الرئيس السيسي أن انتاج السكر من خلال البنجر سيحقق وفرة مائية بعكس زراعة قصب السكر، منبها إلى أنه في حالة استخدام محطات لمعالجة مياه الصرف الزراعي فإن الأمر سيتكلف مليارات الجنيهات .
وشدد الرئيس على دور وسائل الإعلام والدراما في التوعية بقضايانا وتحويلها إلى أفكار لإقناع الناس بها.
وحول الأراضي الزراعية التي يتم ريها بالغمر بدون استخدام نظم الري الحديثة، قال الرئيس عبدالفتاح السيسي" إنه تم وضع نظم ري بتكلفة مالية كبيرة من أجل استخدام أقل كمية من المياه ".
وأشار إلى أن زراعة 4 ملايين فدان الآن تتم عبر الآبار، مبينا أن أرض "عين دلة" ذات ملوحة وطبيعة غير مساعدة في الزراعة فتم زراعة "الجوجوبا" فيها، حيث يتم زراعتها في كافة الأراضي وباستخدام مياه الصرف المعالجة وهى تستخدم في إنتاج الوقود الحيوي.
وتساءل الرئيس السيسي : "هل لابد من انتظار حدوث الأزمة للتعامل معها؟، مؤكدا أن العمل الذي قامت به الدولة فيما يخص البنية الأساسية كان ضروريا ودفعنا أموالا ضخمة ، موضحا أنه لو تم تنفيذها على مدار الـ 25 عاما الماضية لكانت التكلفة أقل من الآن.
ووجه الرئيس حديثه لرئيس مجلس إدارة شركة "مودرن فارمينج" ، قائلا: "في المرة القادمة نريد رؤية العمل في سيناء ونحن على استعداد لمساعدتكم ، كما أننا بحاجة إلى كل يد مصرية وكل خبرات وطاقة عمل وجهد مخلص للعمل معنا لنتجاوز ما نحن فيه".
وتابع الرئيس:" منذ عام 2011 وحتى الآن زاد المصريون بمعدل 25 مليون نسمة"، متسائلا: هل الإنتاج الزراعي زاد بما يناسب هذه الزيادة السكانية؟.
وتطرق الرئيس السيسي إلى تجربة القمح المخلوط بالذرة، مبينا أن تنفيذ هذه التجربة ستكون بما لا يؤثر بشكل كبير في مواصفات الخبز طعما وشكلا، أي بنسبة 20 % حسبما أفاد المهندس محمد جمال غريب رئيس مجلس إدارة شركة "مودرن فارمنج" للاستثمار الزراعي.
وأضاف الرئيس السيسي قائلا: "لو استخدمنا 18 مليون طن من القمح في إنتاج الخبز والمكرونة والمنتجات الأخرى، منها 10 أو 12 مليونا للخبز فإننا نوفر 20% من هذه الكمية أي ما يعادل 2 مليون طن من الذرة، لأننا مهما فعلنا فلن نستطيع أن يغطي إنتاجنا من القمح كل احتياجاتنا ولهذا نضطر إلى استيراده من الخارج، ولكن الذرة يمكن توفيرها محليا لأن لها توقيت مختلف في الزراعة عن القمح ، فمن الممكن تغطية جزء منه أو بديل للقمح بنسبة معينة وهي 20%".
وأشار الرئيس إلى أن الـ2 مليون طن قمح ثمنه 600 مليون دولار أو أكثر حسب سعر طن القمح عالميا، مشيرا إلى أن سعر القمح بلغ خلال العام الماضي ما يتراوح ما بين 400 إلى 500 مليون دولار للمليون طن، لذلك فإن تنفيذ هذه التجربة سيسهم في توفير هذا المبلغ لاستيراد 20% من القمح.
وحول دعم الدولة لرغيف الخبز،قال الرئيس السيسي ان رغيف الخبز المدعوم الذي يشتريه المواطن بخمسة قروش يكلف الدولة جنيها وربع الجنيه، فبعد ما كانت الدولة تدعمه بمبلغ يتراوح بين 20 إلى 30 مليار جنيه، أصبحت تدعمه الآن بنحو 120 إلى 130 مليار جنيه.
وأضاف السيسي أن هذا الرغيف اليوم إذا تم بيعه بسعر من 3 إلى 5 جنيهات ، سيجد من يتحمل قدرة شرائه ولكن هناك آخرين لا يستطيعون شراءه والدولة لايمكن أن تتخلى عن هؤلاء .
وحول موضوع دعم الكهرباء، قال الرئيس السيسي" إننا لو أخذنا ثمن تكلفة الكهرباء الحقيقية سوف يتضاعف ثمنها مرتين، الأمر الذي سيؤثر على المواطن البسيط ، لكن الدولة لاتفعل ذلك تخفيفا لأي أعباء عليه"، مؤكدا أن ما يدفعه المواطن مقابل استهلاكه للكهرباء أقل بكثير مما تتكبده الدولة من المشتقات النفطية اللازمة لتوليد الكهرباء .
وأوضح أن هذا الكلام ليس وليد اليوم وإنما هو ناتج عن ممارسات نسير عليها منذ سنوات ،مشيرا إلى أنه كان قد تم إعداد خطة في عام 2016 من أجل توفير السلع والخدمات بسعر التكلفة الحقيقية، لكن كان من الضروري الوضع في الاعتبار التحديات التي واجهتنا مثل أزمة كورونا والأزمة العالمية والحروب التي تحيط بنا وتأثيراتها على مصر.
وقال الرئيس السيسي "إن مواردنا ليست كثيرة وتسمح لنا إننا نقابل هذه التحديات بدون جهد ومن غير تحمل، وأنا أعيب على المعنيين حتى في التقارير الصحفية والمقالات التي تكتب، فليس هناك من يتناول هذا الموضوع بشكل موضوعي .. إن الدول تدار بالجدية والمسؤولية والفهم .. ولو أن الناس فهمت ذلك ستقف بجانبك".
وأشار إلى أن محطات الكهرباء متواجدة ومن الممكن أن تعمل على مدار الأربع والعشرين ساعة، لكن عندما يريد وزير الكهرباء الحصول على الوقود لابد من دفع فاتورته بعد دعم وزارة المالية له أيضا .
ووجه الرئيس حديثه للمصريين قائلا: "لابد من أن تضعوا أيديكم في أيدي بعضكم البعض وأن تتفهموا حجم التحديات الموجودة"، مشددا في هذا الإطار على أن حديثه ليس عن زيادة منتظرة في أسعار الكهرباء وإنما لإيضاح حجم التحديات والأعباء التي تتحمها الدولة في سبيل تخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين، منوها أيضا إلى استمرار دعم الدولة للوقود .
وفي ختام كلمته ، وجه الرئيس السيسي الشكر لأجهزة الدولة المختلفة والقائمين على تنفيذ تلك المشروعات التي تم افتتاحها ، مطالبا بضرورة استمرار الجهود بمعدلات أكبر من ذلك لأن كل فدان يدخل في الإنتاج فهو لصالح مصر، وبالتالي نصل إلى الحد الأقصى من الانتاج الذي تستطيع الدولة المصرية تحقيقه وتوفيره، داعيا إلى تنظيم رحلات لرجال الإعلام وشباب الجامعات لمشاهدة هذه المشروعات على أرض الواقع.
وأعرب الرئيس عن أمله في أن تشمل الافتتاحات القادمة الاحتفال بحصاد الأراضي التي يتم زراعتها في سيناء، مؤكدا أن الدولة لا تعمل في مجال واحد فقط ولكنها تعمل في مختلف المجالات التي تشمل التعليم والصحة والزراعة والصناعة وغيرها وبالتالي فعند الحديث على دولة قوامها 106 ملايين نسمة، والحديث عن تحقيق نمو وطفرة في كل المجالات، فذلك يحتاج لأعباء مالية ضخمة وجهودا بشرية ضخمة جدا.
وقال الرئيس السيسي : "إن شاء الله المرة القادمة تكون البنية الأساسية التي يتم تنفيذها في سيناء لمساحة تتراوح بين (400 - 450) ألف فدان، يتم الانتهاء منها، وتكون مياه محطة بحر البقر (وهى مياه صرف زراعي تم معالجتها) لإنتاج مياه تدخل في تنمية الاقتصاد المصري.