بيروت ـ أحمد منصور
ولد مستشفى سبلين الحكومي من رحم المعاناة، في منطقة جغرافية من قضاء الشوف الأوسط والساحلي في جبل لبنان، ذات كثافة سكانية وعمرانية، تضم مجمل النسيج اللبناني المتعدد والمتنوع، مذهبيا وطائفيا وسياسيا، في نقطة وسطية بين العاصمة بيروت، ومنطقة الجنوب، حيث شكل الدعم العربي إحدى ركائز نهوضه وانطلاقته الأولى في العام 2006.
تم تجهيز المستشفى بتمويل من البنك السعودي للتنمية والصندوق السعودي، وتوالت عليه سبحات الدعم، لاسيما من دولة الكويت بشكل دوري.
وبدأ العمل بالمستشفى من خلال 20 سريرا في العام 2006. ومع تزايد إقبال المرضى، تمت توسعته على مراحل عدة، ليصل عدد الأسرة إلى 120 سريرا.
ووضع حجر الأساس له النائب السابق وليد جنبلاط في العام 1982، على وقع هدير الطائرات الحربية الإسرائيلية التي كانت تجوب سماء المنطقة، على قطعة أرض كان قدمها والده «المعلم» كمال جنبلاط في بداية السبعينيات لبناء مستشفى في اقليم الخروب.
وفي التسعينيات أعيد وضع حجر الأساس مجددا، بحضور الرئيس رفيق الحريري، في عهد حكومته وقتذاك، ليستكمل المشروع ويوضع على سكة التنفيذ.
يلعب مستشفى سبلين دورا مهما وأساسيا على صعيد الخارطة الصحية في المنطقة، فبات مقصدا لأبناء الوطن من مختلف المناطق، بعد أن ذاع صيته في تقديم أفضل الخدمات الطبية والاستشفائية في منطقة كانت تفتقر إلى المستشفيات والمؤسسات الصحية.
يوفر المستشفى على أبناء المنطقة الكثير من العذابات، بعد تحوله إلى عامل «منقذ وأمل بالحياة لأهالي الإقليم والجوار»، الذين كانوا يعانون من وفاة مرضاهم وجرحى الحوادث، على الطريق وفي سيارات الاسعاف، قبل وصولهم إلى مستشفيات صيدا وبيروت التي كانوا يقصدونها.
المستشفى اليوم يصارع كل الظروف الصعبة، في معركة البقاء والحفاظ على الوجود، وسط رعاية واحتضان فاعليات المنطقة، بعدما تحول ملجأ اللبنانيين بمختلف توجهاتهم، والمقيمين بتنوع جنسياتهم، ما رسم إطارا جامعا للإنسان على أرض الوطن.
مدير المستشفى د.ربيع سيف الدين أعرب لـ «الأنباء»عن ارتياحه «لهذا الإنجاز الذي حققه المستشفى على صعيد الخارطة الصحية والاستشفائية خلال فترة وجيزة من انطلاقه»، وأكد «ان خدمات المستشفى لا تقتصر على أبناء إقليم الخروب، بل هي تخطت حدود الشوف لتطول الوطن كله، من الجنوب إلى البقاع والشمال وبيروت».
ولفت إلى «ان هذا الحضور المناطقي في المستشفى، عكس صيتا إيجابيا عن المستشفى».
وأكد سيف الدين «ان المستشفى يشمل اليوم 120 سريرا، 12 منها في قسم غسيل الكلى، بالإضافة إلى أقسام الجراحة وطب الأطفال والنساء وغيرها من أقسام الطوارئ والأشعة والعناية والمختبر».
وشدد على «العمل على وضع الخطط لتطويره بما يتناسب مع الحاجات المطلوبة، حيث سيتم افتتاح قسم العلاج الكيميائي في غضون الأيام المقبلة».
وأشار إلى «ان الجهود مستمرة لوضع المستشفى على الخارطة الصحية»، مؤكدا «أن الاحتضان الكبير الذي يحظى به المستشفى من جميع فاعليات وأهالي المنطقة، من وزراء ونواب وأحزاب وفاعليات، يعطيه دفعا كبيرا في متابعة رسالته ومسيرته»، مشيدا بجهود «الطواقم الطبية والتمريضية (الجيش الأبيض) الذين كان لهم الدور الكبير في تقدم المستشفى وتحقيق الإنجازات، انطلاقا من حرصهم على أداء الرسالة الإنسانية».
وشكر سيف الدين المملكة العربية السعودية والكويت دعمهما في انطلاقة المستشفى واستمرار رسالته «على الرغم من كل الصعوبات والتحديات».
وقال ان «الأيادي البيضاء للكويت وبصماتها راسخة، وهي متواصلة في دعم المستشفى، والتي كان آخرها، تلقيها مساعدات عبر مؤسسة عبد الوهاب المطوع الكويتية»، شاكرا دولة الكويت وقيادتها وشعبها على حرصها على دعم لبنان وشعبه.
وأشار سيف الدين إلى ان المستشفى لعب دورا كبيرا في مواجهة «كورونا» «حيث تم افتتاح قسم خاص لهذه الجائحة، وخطا خطوات متقدمة في معالجة مرضى هذه الجائحة وتداعياتها، وبدعم من رئيس اللقاء الديموقراطي النائب تيمور جنبلاط».
وأثنى «على الدعم المتواصل لوزارة الصحة العامة لهذا الصرح الحيوي، على الرغم من الأوضاع الصعبة».
كما شكر الجهات الراعية والداعمة لاستمرار رسالة المستشفى «لاسيما قسم غسيل الكلى بدعم من الحاج جميل بيرم والقسم الكيميائي بدعم من عائلة الراحل م. سمير الخطيب».
رئيس بلدية سبلين محمد يونس شدد لـ «الأنباء» على «أهمية ومحورية هذا الصرح ومركزيته في الشوف والجبل والجوار، لما يقدمه من خدمات طبية واستشفائية».
ولفت إلى «ان الأوضاع الاقتصادية الصعبة عكست اهتماما بهذا الصرح، الذي تحول إلى ملجأ لأبناء الوطن».
ودعا يونس وزارة الصحة إلى «الحفاظ على مكانة ودور وموقع المستشفيات الحكومية في لبنان، التي تعتبر من ركائز الوطن ودعائمه في مواجهة التحديات».
وأكد «ان مستشفى سبلين أثبت حضورا كبيرا على الخارطة الصحية في لبنان، وبات يحسب له ألف حساب»، مثنيا على «جهود ودور الجهات الداعمة والمساعدة للمستشفى في لبنان والوطن العربي».
وشكر المملكة العربية السعودية والكويت على وقوفهما الدائم إلى جانب لبنان وشعبه ومؤسساته، مؤكدا «ان الدعم العربي هو الأوكسجين الذي يتنفس من خلاله للبنان».
بدوره، شدد رئيس بلدية جدرا المونسينيور جوزف القزي على «أهمية هذا الصرح، الذي يخدم أبناء إقليم الخروب بشكل خاص، واللبنانيين بشكل عام»، مشيدا بالدور الذي لعبه المستشفى خلال أزمة كورونا «حيث كان على مستوى عال من الجهوزية التامة، على صعيد الموظفين والأطباء والممرضين والممرضات، إلى جانب التفاف كبير من أبناء المنطقة ونوابها وفعالياتها الحزبية والسياسية والاجتماعية للمحافظة على هذا المستشفى الحكومي، وعلى استمرار العمل فيه».
وأشاد القزي «بكل من يساهم في ابقاء هذا الصرح صامدا بوجه التحديات»، مؤكدا على «أهمية توفير مثل هذه الصروح في الوطن».
واشار إلى ان «ما قام به هذا الصرح في مواجهة جائحة «كورونا» وخلال مسيرته منذ العام 2006، لم يكن عملا عاديا بل مميزا واستثنائيا وأنقذ العديد من أرواح أهلنا، وكان محور اهتمام أهلنا في الوطن وفي بلاد الاغتراب، ومنهم آل القزي المغتربون».
وطالب القزي وزارة الصحة، «بألا تغفل هذا الصرح، وتعمل على دعم هذا المستشفى وتزويده بكل المستلزمات الطبية ليبقى دائما على مستوى التقدم في خدمة أبنائنا وأهلنا في الإقليم والوطن».
وأكد في هذا المجال رئيس بلدية الوردانية علي بيرم «ان مستشفى سبلين يعتبر صرحا طبيا رائدا ومهما في منطقتنا، حيث يغطي الحاجة الاستشفائية لشريحة واسعة من أبناء إقليم الخروب والشوف، لا بل على مستوى الوطن ككل».
وأشار إلى «ان المستشفى كان في الخطوط الأمامية بمواجهة «كورونا» وقدمت الكثير لأبناء المنطقة، والأهم من ذلك من اللحم الحي».
وشكر جهود جميع العاملين في المستشفى من أطباء وممرضين وموظفين «على هذا التعاون المشترك في رفع شأن هذا الصرح الذي يهم ويعنى بعامة الشعب اللبناني».