وسط لهيب الصيف، تزداد معاناة النازح حسين النعسان لتوفير المياه لعائلته، في ظاهرة تفاقمت مؤخرا في مئات المخيمات في شمال غرب سورية، مع توقف منظمات عن دعم خدمات المياه والصرف الصحي جراء تراجع التمويل.
ويقول النعسان (30 عاما) المقيم مع زوجته وطفليه في مخيم في مدينة سرمدا القريبة من الحدود التركية لوكالة فرانس برس: «حرمونا في السابق من السلل الإغاثية والخبز، والآن يحرموننا من المياه، كما لو أنهم يحاولون قتلنا ببطء».
وتحت أشعة شمس حارقة، يروي الرجل كيف يتشارك مع ثلاث عائلات أخرى خزان مياه، يتقاسمون الانتفاع منه وثمن مياهه التي هم بأشد الحاجة لها خلال فصل الصيف شديد الحرارة.
ويرد نازحون ومنظمات محلية وعاملون إنسانيون أزمة نقص المياه في المخيمات، مترافقة مع تكوم النفايات وعدم معالجة الصرف الصحي، إلى توقف منظمات عدة عن تقديم خدماتها، جراء تراجع تمويل الجهات المانحة.
وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة لوكالة فرانس برس إن «4.1 ملايين شخص في شمال غرب سورية يمثلون 80% من السكان، يحتاجون إلى دعم في قطاع المياه والصرف الصحي والنظافة» خلال العام الحالي، لكن «هذا القطاع هو الأقل تمويلا».
وبين خيم مبعثرة وسط أرض رملية جرداء، يركن عبدالكريم عز الدين (45 عاما)، وهو أب لـ 9 أطفال، شاحنته الصغيرة المحملة بـ 3 براميل بلاستيكية ملأها بالمياه من بئر قريبة. ويساعده أحد أطفاله على إفراغ الحمولة في برميل قرب الخيمة حيث يقطنون.
ويسأل عز الدين النازح بدوره منذ 11 عاما: «هل يعقل أن يقطعوا الماء عنا في الصيف؟ هل يريدوننا أن نموت؟»، موضحا أن حمولة المياه بالكاد تكفيه ليوم واحد.
لكنه رغم ذلك يعد نفسه محظوظا لقدرته على نقل المياه بشاحنته، وهو ما لا يقوى كثيرون على تحمل أعبائه.
منذ سنوات، يعتمد قاطنو المخيمات المكتظة على مساعدات غذائية وطبية ولوجستية توفرها منظمات محلية ودولية في ظل فقر مدقع.
وبحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، يفتقر «41% من المخيمات، أي 460 من بين 1100 مخيم، إلى دعم أساسي للمياه والصرف الصحي والنظافة من الشركاء الإنسانيين».
وتتوقع الأمم المتحدة أن يتم قطع الخدمات عن 111 مخيما آخر بنهاية سبتمبر، ما يبرز «الحاجة الملحة إلى زيادة الدعم المالي للحفاظ على العمليات الإنسانية الأساسية في المنطقة».
وفي الربع الأول من عام 2024، «تم تلقي 2% فقط من التمويل المطلوب للاستجابة في قطاع المياه والصرف الصحي والنظافة»، وفق المصدر ذاته.