بيروت ـ اتحاد درويش
أرخت أجواء الحرب بظلالها على واقع حال اللبنانيين الذين يتطلعون بحذر شديد إلى التهديدات التي تطلقها إسرائيل بين الحين والآخر بشن حرب واسعة على لبنان.
الا أن ذلك لا يمنعهم من مواصلة حياتهم بشكلها الطبيعي بعيدا عن أجواء التشنج.
وبدت الحركة بالأمس في شوارع العاصمة بيروت طبيعية، على عكس ما يعكر صفوها من تقارير تبثها الشاشات وترد على شكل أخبار عاجلة، عن تقديرات تتراوح بين توسع الحرب أو توقفها عند حد معين.
لطالما اعتاد اللبنانيون التكيف مع الظروف المحيطة بهم على رغم قسوتها وصعوبتها، والتعامل بفسحة من الأمل للعبور باتجاه مواصلة العيش ومغادرة محطات الخوف، والتحكم بيومياتهم التي لا تخلو من الوجع والصدمات وربما المفاجآت.
وعلى رغم الأجواء الملبدة التي تنبعث منها رائحة الحرب، الا أن الشعب اللبناني الذي عانى ويلاتها لسنوات طويلة استطاع أن ينهض من جديد كطائر الفينيق، من دون ان يعني ذلك أنه لا يخشى الحرب، بل ان الغالبية العظمى من اللبنانيين ترفضها لما لها من تداعيات كبيرة من قتل وتدمير وتهجير، وستزيد من حالة النزف نتيجة الضغوط الهائلة التي يتعرض لها الاقتصاد اللبناني.
«الأنباء» جالت في بعض شوارع العاصمة بيروت واستطلعت آراء بعض المواطنين الذين تراوحت مواقفهم بين من أبدى تخوفه، وبين من استبعد لجوء إسرائيل إلى شن عدوان على لبنان.
وقال طارق صاحب احد محال الـ «ميني ماركت» لبيع المواد الغذائية في منطقة المزرعة: «حركة البيع طبيعية وتشبه أي يوم آخر. لكن الحذر واجب لأن إسرائيل تلجأ إلى أسلوب المباغتة».
إحدى السيدات وتدعى مريم قالت وقد خرجت باكرا للتسوق: «إننا في أواخر الشهر ولا يبقى من راتب زوجي الا النذر القليل، ولا اشتري الا ما هو ضروري. أما الحرب الله يبعدها عنا، فهي تدمر حياتنا لا بل قلوبنا وكفانا تعبا».
وفي محلة البربير قال سمير صاحب محل لبيع الملبوسات: «في مطلع الأسبوع تتراجع حركة البيع والشراء بعض الشيء من دون أن ننسى أننا في أواخر الشهر. لكن بفضل المغتربين الذين أتو إلى لبنان هذا الصيف لقضاء اجازاتهم، فقد ساهموا بخلق حركة كبيرة. لا أتمنى الحرب لكن لا رأي لي ان كانت ستحصل أم لا، وهذا أمر لا أحسن تقديره».
صاحب متجر لبيع الذهب في منطقة مار الياس رفض الإفصاح عن اسمه، وقال: «موسم الصيف جيد جدا ولبنان مقصد للمغتربين اللبنانيين والإخوة العرب لشراء الذهب، نظرا إلى ما تحتويه المتاجر اللبنانية من مجموعات واسعة يجري الإقبال عليها بشكل دائم».
وإذ رفض الإجابة عما اذا كان يخشى وقوع الحرب قال: «هذا الأمر لا نقرره نحن بل من بيدهم القرار».
وفي أي حال يبقى الترقب سيد الموقف إلى حين جلاء الصورة، بعد أن باتت كلمة الحرب متداولة في شكل يومي وكأنها القدر الذي يحاول أبناء «وطن الأرز» الهروب منه نحو عالم تسوده العدالة والمحبة والسلام.